قوله تعالى: {ياأيها الذين آمنوا لا تكونوا كالذين آذوا موسى فبرأه الله مما قالوا وكان عند الله وجيها 69 ياأيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا 70 يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما 71 إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا 72 ليعذب الله المنافقين والمنافقات والمشركين والمشركات ويتوب الله على المؤمنين والمؤمنات وكان الله غفورا رحيما 73}
  الآيات كعادة الكفار مع الأنبياء، عن أبي مسلم. فأما ما ترويه الحشوية أنهم رموه بأنه آدَرُ، فوضع ثوبه على حجر ليغتسل، فَفَرَّ الحجر حتى رآه بنو إسرائيل، فليس بصحيح؛ لأن فيه هتك الستر، وكشف العورة، وما يؤدي إلى التنفير، «فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مما قَالُوا» أي: طهره وأظهر براءته «وَكَانَ عِنْدَ اللَّهِ وَجِيهًا» أي: عظيم القدر رفيع المنزلة «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ» أي: اتقوا ما نهاكم عنه، وقيل: اتقوا عذابه «وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا» أي: قصدًا حقًا، قيل: صوابًا، عن ابن عباس. وقيل: عدلاً، عن قتادة. وقيل: مستقيمًا، عن المؤرج. وقيل: هو قول لا إله إلا الله، عن عكرمة. وقيل: قولوا في شأن زينب وزيد سديدًا، ولا تنسبوا إلى رسول الله ما لا يحل ولا يليق به، عن مقاتل. وهذا يتصل بالنهي عن الإيذاء، وقيل: هو القول بالتوحيد والعدل والنبوات والشرائع، ولا قول أعدل وأحسن ثناء على الله تعالى من ذلك، ولا قول أقبح من الجبر والتشبيه «يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ» قيل: يقبلها منكم ويثيبكم عليها، وقيل:
  يجعلها صالحًا بأن يلطف لكم حتى تصلحوا الأعمال (وَيغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا) أي: نال بُغْيَتَهُ وظفر بالحظ العظيم. «إِنَّا عَرَضْنَا ...» الآية، معنى العرض في العبادات أنه بَيَّنَ الحسن والقبح، وكلف بالفعل والترك، فليس معنى العرض التخيير، واختلفوا في الأمانة، قيل: الطاعة لله، عن ابن عباس. وقيل: الفرائض وحدود الدين، عن مجاهد. وقيل: ما أمروا به ونهوا عنه، عن أبي العالية. وقيل: هو ما يخفى من الشرائع كالصوم والاغتسال ونحوه، عن ابن زيد. وجميع ذلك يتقارب. وقيل: هي أمانات الناس والوفاء بالعقود والعهود، عن ابن عباس، والضحاك. وقيل: ائتمان آدم ابنه قابيل على أهله، وقتله هابيل، عن السدي. وليس بشيء؛ لأن الآية عامة فلا معنى للتخصيص من غير دليل. وقيل: الأمانة القرآن؛ لأنه تعالى قال: {بِمَا اسْتُحْفِظُوا}[المائدة: ٤٤] وسميت الأمانات عبادة؛ لأن العبد اؤتمن عليها بالتمكين منها ومِن تركها. واختلفوا في معنى الآية، فقيل: «إِنَّا