قوله تعالى: {ولقد آتينا داوود منا فضلا ياجبال أوبي معه والطير وألنا له الحديد 10 أن اعمل سابغات وقدر في السرد واعملوا صالحا إني بما تعملون بصير 11 ولسليمان الريح غدوها شهر ورواحها شهر وأسلنا له عين القطر ومن الجن من يعمل بين يديه بإذن ربه ومن يزغ منهم عن أمرنا نذقه من عذاب السعير 12 يعملون له ما يشاء من محاريب وتماثيل وجفان كالجواب وقدور راسيات اعملوا آل داوود شكرا وقليل من عبادي الشكور 13 فلما قضينا عليه الموت ما دلهم على موته إلا دابة الأرض تأكل منسأته فلما خر تبينت الجن أن لو كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا في العذاب المهين 14}
  وقيل: نصب بنزع الخافضة أي: مع الطير.
  وقيل: هو عطف على الفعل، تقديره: آتيناه فضلاً الجبال تؤوب معه والطير.
  وقيل: تقديره: قلنا: يا جبال أوبي معه، وعنينا الطير بمثل هذا القول، عن أبي علي.
  وقيل: نصب؛ لأنه مأمور، وعطف على الجبال لا على معنى التذليل بالتأويب معه، تقديره: أمرنا الجبال والطير؛ لأن قوله: {يَاجِبَالُ أَوِّبِي}، وأمر الجبال، ومعناهما واحد، ذكر هذا الوجه الأخير أبو مسلم.
  وقرأ أبو بكر عن عاصم: «وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحُ» بالرفع على خبر حذف الصفة، والباقون بالنصب [بفعل] محذوف، تقديره: وسخرنا الرِّيحَ.
  وقرأ أبو جعفر ونافع وأبو عمرو: «مِنْسَاتَهُ» بغير همز، وروي نحوه عن ابن كثير، وقرأ ابن كثير بهمزة ساكنة، الباقون بهمزة مفتوحة، وكلها لغات صحيحة، وأصله الهمز؛ لأنه من: أَنْسَأْتُ، فترك همزه كالبرية من بَرِئْت.
  قرأ يعقوب: «تُبُيِّنَتِ الجِنُّ» بضم التاء والباء وكسر الياء، والباقون بفتح الثلاثة، وما روي عن ابن عباس: (تبينت الإنس أن لو كان الجن يعلمون الغيب) يجوز على أنه فسره.
  · اللغة: الأَوْبُ: الرجوع، آب يؤوب أوبًا: إذا رجع، وأَوَّبَ تأويبًا، والتأويب السير.
  والسابغ: التام من اللباس والدروع، وأصله: التمام، ثوب سابغ: تام، ومنه: إسباغ الوضوء.
  والسرد: متابعة حلق الدرع شيئا بعد شيء حتى يتناسب، وأصل السرد:
  الإرسال، ومنه: سَرَدَ الحديث أي تابَعَه ولم يقف فيه، ويقال لحلق الدرع: سَرْدٌ، وللدروع: سُرُدٌ، قال الشاعر: