التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيرا الوصية للوالدين والأقربين بالمعروف حقا على المتقين 180}

صفحة 746 - الجزء 1

  (كتب). الثاني: العامل فيه الابتداء وخبره: (للوالدين)، والجملة في موضع رفع على الحكاية كأنه قيل: لكم الوصية.

  والعامل في (إذا) قيل فيه وجهان: أحدهما: (كتب) كأنه قيل: كتب عند المرض. الثاني: قال الزجاج: كتب عليكم الوصية في حال الصحة قائلين: إذا حضرنا الموت فلفلان كذا.

  «حَقًّا» نصب على المصدر أي حق ذلك حقًّا، وقيل: على المفعول أي جعل الوصية حقًّا، وقيل: على القطع من الوصية على المتقين.

  · النزول: قيل: كانوا يوصون للأبعد طلبًا للفخر، ويعدلون عن الأقربين، فأوجب اللَّه تعالى في صدر الإسلام الوصية لهَؤُلَاءِ منعًا لهم عما اعتادوه، عن الأصم.

  وقيل: كان الخيار للموصي في ماله، فأمر ألا يتعدى بوصيته هَؤُلَاءِ، فيصل إليهم بتمليكه، ولذلك لما نزلت الآية آية المواريث قال، ÷: «إن اللَّه تعالى أعطى كل ذي حق حقه، فلا وصية لوارث».

  · المعنى: ثم بَيَّنَ تعالى شريعة أخرى وهو الوصية، فقال تعالى: «كُتِبَ عَلَيْكُمْ» يعني فرض عليكم «إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ» يعني أسباب الموت من مرض ونحوه، عن أكثر أهل العلَم. وقيل: فرض عليكم الوصية في حال الصحة أن تقولوا: إذا حضرنا الموت فافعلوا كذا، عن الأصم «إِنْ تَرَكَ خَيرًا» أي مالاً، واختلفوا، فقيل: يجب في القليل والكثير، عن الزهري، وقال غيره: لا بد من مقدار، وهو قول أكثر أهل العلم.

  قال القاضي: اتفقوا على إثبات قدر منه إلا من لا يعتد بِقَدْرِهِ؛ لأنه لا يقال لمن ترك درهمًا: إنه ترك خيرًا، فلا بد من قدر، ثم اختلفوا في ذلك القدر، فقيل: ألف