قوله تعالى: {كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيرا الوصية للوالدين والأقربين بالمعروف حقا على المتقين 180}
  درهم، عن قتادة، وقيل: من ألف إلى خمسمائة، عن النخعي، وقيل: ثمانمائة درهم، عن ابن عباس، وقيل: أربعة آلاف درهم، عن علي (كرّم اللَّه وجهه)، وروي عنه في رجل ترك تسعمائة أنه قال: لم يترك خيرًا فيوصي، وعن عائشة أربعمائة دينار قليل، وقيل: إنه على قدر حال الرجل، وقال القاضي، وهو الأصح؛ لأنه بمقدار من المال يوصف المرء أنه غني، وبذلك القدر لا يوصف غيره بحسب كثرة العيلة والنفقة، وعلى هذا مجمل قول علي # وابن عباس وعائشة، «الْوَصِيَّةُ» هي التي فرض وكتبت «لِلْوَالِدَيْنِ» للأب وللأم، «وَالأَقْرَبِينَ» قرابة الميت الأقرب فالأقرب، وهَؤُلَاءِ الَّذِينَ وجبت لهم الوصية «بِالْمَعْرُوفِ»، ويحتمل أن يرجع إلى قدر ما يوصى؛ لأن من يملك المال العظيم فأوصى بدرهم فلم يوص بالمعروف، ويحتمل أن يرجع إلى الموصى لهم فيميز من الأقربين من يوصى له ممن لا يوصى، فكأنه أمر بالوصية بالطريقة الجميلة، إن سوّى أو فضل؛ لأنه ليس من المعروف أن يوصي للغني ويترك الفقير، وأن يسوي بين بني العم والوالدين، فالواجب حمله عليهما، فيكون المعروف في قدر الوصية والموصى لهم «حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ» تأكيدًا في وجوبه يعني حقًّا واجبًا لمن آثر التقوى.
  · الأحكام: الآية تدل على وجوب الوصية للمذكورين، واختلفوا فيها، فمنهم من قال: كان واجبًا، ومنهم من قال: كان ندبًا، والأول: الوجه؟ بقوله: «كتِبَ» ولقوله: «عَلَيكُم» وكلا اللفظين ينبئ على الوجوب، ثم أكد الوجوب بقوله: «حَقّا عَلَى الْمُتَّقِينَ».
  ثم اختلفوا فيها على ثلاثة أوجه: فمنهم من قال: إنها منسوخة في الكل، وعليه أكثر الفقهاء، ومنهم من قال: ثابت في الكل، ومنهم من قال: منسوخة فيمن يرث، ثابتة فيمن لا يرث، واختلفوا بأي دليل نسخ، فقيل: بآية المواريث، وقيل: بالسنة وهو قوله: «لا وصية لوارث» ونسخ القرآن بالسنة جائز، وقيل: بالإجماع، عن أبي