قوله تعالى: {وما أموالكم ولا أولادكم بالتي تقربكم عندنا زلفى إلا من آمن وعمل صالحا فأولئك لهم جزاء الضعف بما عملوا وهم في الغرفات آمنون 37 والذين يسعون في آياتنا معاجزين أولئك في العذاب محضرون 38 قل إن ربي يبسط الرزق لمن يشاء من عباده ويقدر له وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه وهو خير الرازقين 39 ويوم يحشرهم جميعا ثم يقول للملائكة أهؤلاء إياكم كانوا يعبدون 40 قالوا سبحانك أنت ولينا من دونهم بل كانوا يعبدون الجن أكثرهم بهم مؤمنون 41 فاليوم لا يملك بعضكم لبعض نفعا ولا ضرا ونقول للذين ظلموا ذوقوا عذاب النار التي كنتم بها تكذبون 42}
  تقدم ذكرهم «ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلَائِكَةِ أَهَؤُلَاءِ» الكفار «إِيَّاكُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَ» في الدنيا، قيل: كان قوم يعبدون الجن لظن أنها الملائكة، وقيل: كانوا يعبدون الملائكة، وهذا سؤال توبيخ للكفار وليظهر براءة الملائكة، كقوله لعيسى: {أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ}[المائ ة: ١١٦] الآية، «قَالُوا» يعني: الملائكة «سُبْحَانَكَ» أي: تنزيهًا لك عن الشريك، وقيل: ما أعظم قولهم في ذلك «أَنْتَ وَلِيُّنَا مِنْ دُونِهِمْ» لأنا عبيد لك، وقيل: أنت ولينا؛ أي: نتولى تعظيمك وعبادتك، فكيف ندعو غيرك، وقيل: أنت المتولي للقيام بأمورنا «بَلْ كَانُوا يَعْبُدُونَ الْجنَّ» قيل: عادتهم قبول قولهم في عبادة غير الله، وقيل: بل كانوا يعبدون الجن على ظنَ أنها الملائكة، وقيل: معناه: أن ذلك كان عبادة للشيطان؛ لأنهم بدعائه فعلوا ذلك {أَكْثَرُهُمْ بِهِمْ مُؤْمِنُونَ} يعني: أكثر الغواة يطيعون الشياطين في معصية الله ويصدقونهم فيما يدعونهم إليه، فجعل طاعتهم إيمانًا بهم توسعًا «فَالْيَوْمَ لَا يَمْلِكُ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ» أي: يجازيهم الله فلا يملك أحد منهم لصاحبه «نَفْعًا وَلَا ضَرًّا» وقيل: نفعًا: شفاعة، وضرًّا: عذابًا «وَنَقُولُ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا» بكفرهم، إما أنفسهم بالإهلاك أو رسوله بالتكذيب «ذُوقُوا عَذَابَ النَّارِ الَّتِي كُنْتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ» في الدنيا توبيخًا لهم.
  · الأحكام: تدل الآية على أن المال والولد لا يقرب الإنسان إلى الله تعالى، وذلك من أقوى الحجاج؛ لأن المال والولد لما كان فعله تعالى لا يستحقون عليهما ثوابًا.
  وتدل أن الثواب يستحق بالأعمال والعمل والصالح.
  وتدل أنه تعالى تكفل للمنفق المال في البر بالخلف، ولا يبعد أن النفقة في المباح بمثابته.
  وتدل على توبيخ الكفار يوم القيامة بعبادة غير الله وخسرهم وجزائهم.
  وتدل أن أحدًا لا يملك لأحد شيئًا.
  وتدل على أن عبادة غير الله فِعْلُهُمْ، فيصحُّ قولنا في المخلوق.