قوله تعالى: {إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا إنما يدعو حزبه ليكونوا من أصحاب السعير 6 الذين كفروا لهم عذاب شديد والذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم مغفرة وأجر كبير 7 أفمن زين له سوء عمله فرآه حسنا فإن الله يضل من يشاء ويهدي من يشاء فلا تذهب نفسك عليهم حسرات إن الله عليم بما يصنعون 8 والله الذي أرسل الرياح فتثير سحابا فسقناه إلى بلد ميت فأحيينا به الأرض بعد موتها كذلك النشور 9 من كان يريد العزة فلله العزة جميعا إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه والذين يمكرون السيئات لهم عذاب شديد ومكر أولئك هو يبور 10}
  والنشور: الحياة بعد الموت.
  والبَوْرُ: الهلاك، ويقال: بار يَبُورُ هلك، ورجل بُورٌ وقوم بور، ودار البوار: أي دار الهلاك، وأرض بائرة: معطّلة، كأنها هلكت.
  · الإعراب: يقال: أين جواب: {أَفَمَنْ زُيِّنَ} قلنا: فيه قولان:
  الأول: محذوف، تقديره: كمن علم الحسن والقبح ولم يزين له سوء عمله.
  وقيل: تقديره: كمن زين له صالح عمله فآمن.
  وقيل: جوابه في قوله: {فَلَا تَذْهَبْ} تقديره: أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ ذهبت نفسك عليه حسرة. وقيل: فيه تقديم وتأخير، تقديره: أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فرآه حسنًا، فلا تذهب نفسك عليهم حسرات، فإن الله يضل من يشاء ويهدي من يشاء.
  ومتى قيل: الضمير في قوله {يَرفَعُهُ} إلى من يعود؟
  قلنا: فيه أقوال:
  الأولًا: الهاء كناية عن الكلمة، والرفع من صفة العمل، تقديره: العمل الصالح يرفع الكلم الطيب، يعني: لا يقبل الكلم الطيب - وهو القول - إلا بالعمل الصالح، وهو اختيار نحاة البصرة.
  الثاني: على القلب من الأول، فالهاء كناية عن العمل، والرفع من صفة الكلم، تقديره: الكلم الطيب يرفع العمل الصالح، يعني: العمل الصالح لا ينفع إلا أن يكون صادرًا عن التوحيد، وهو اختيار نحاة الكوفة.
  والثالث: أن تكون الهاء كناية عن الكلم أو العمل، والرفع من صفة الله تعالى.