التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {والله خلقكم من تراب ثم من نطفة ثم جعلكم أزواجا وما تحمل من أنثى ولا تضع إلا بعلمه وما يعمر من معمر ولا ينقص من عمره إلا في كتاب إن ذلك على الله يسير 11 وما يستوي البحران هذا عذب فرات سائغ شرابه وهذا ملح أجاج ومن كل تأكلون لحما طريا وتستخرجون حلية تلبسونها وترى الفلك فيه مواخر لتبتغوا من فضله ولعلكم تشكرون 12 يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل وسخر الشمس والقمر كل يجري لأجل مسمى ذلكم الله ربكم له الملك والذين تدعون من دونه ما يملكون من قطمير 13 إن تدعوهم لا يسمعوا دعاءكم ولو سمعوا ما استجابوا لكم ويوم القيامة يكفرون بشرككم ولا ينبئك مثل خبير 14}

صفحة 5836 - الجزء 8

  قراءة العامة: {سَائِغٌ}، وقرأ عيسى: «سَيِّغٌ» نحو: سيِّد وميِّت، وهما لغتان.

  قرأ قتيبة عن الكسائي: «والَّذِينَ يدعون» بالياء على الغائب، والباقون بالتاء على الخطاب.

  · اللغة: التراب والصعيد من النظائر، إلا أن التراب اسم لجنسها، والصعيد: تراب يصعد على وجه الأرض.

  والنطفة: الماء القليل والماء الكثير، وهو من الأضداد، والنطفة: الماء الذي خلق منه الولد.

  والعُمْر والعُمُر: البقاء، وأصله: طول المدة، وقولهم: لَعَمْرُ الله، أي: ببقائه، ومعناه: الله الباقي.

  والفُرات: الماء العذب، وكل ماء عذب فهو فرات، وكل ماء ملح فهو بحر، وقد أبحر إبحارًا وعذب عذوبة.

  وساغ الشراب في الحلق سَوْغًا، وأَسغْتُهُ، وسوغت فلانًا ما أصاب.

  والمَخْرُ: الشق، مخرت السفينة: إذا جرت فشقت الماء، ومخر السابح: إذا شق الماء بيديه، ومخر الماءُ الأرض: شقها للزراعة، ومخرها بالماء: إذا حبس الماء فيها حتى تصير أَرِيضَةً أي: خليقة بجودة الزرع.

  والقِطْمِيرُ: لفافة النواة، يضرب مثلاً للشيء القليل، وقيل: الحبة في بطن النواة، عن صاحب المجمل.

  · المعنى: ثم بَيَّنَ سبحانه دلائل أخر معطوفًا على ما تقدم تدل على أنه قادر، عالمٌ، فقال تعالى: «وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ» يعني: خلق آدم وهو أبوكم من تراب بأن أحال التراب لحمًا ودمًا بأعراض خلق فيها حتى صور صورة عجيبة «ثُمَّ مِن نُطْفَةٍ» أي: خلق البشر من ماء الرجل والمرأة «ثُمَّ جَعَلَكُمْ أَزْوَاجًا» أي: ذكرًا وأنثى، وقيل: ضروبًا وأصنافًا «وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنْثَى وَلَا تَضَعُ إِلَّا بِعِلْمِهِ» يعني: هو عالم بحمله ومقدار حمله