قوله تعالى: {والله خلقكم من تراب ثم من نطفة ثم جعلكم أزواجا وما تحمل من أنثى ولا تضع إلا بعلمه وما يعمر من معمر ولا ينقص من عمره إلا في كتاب إن ذلك على الله يسير 11 وما يستوي البحران هذا عذب فرات سائغ شرابه وهذا ملح أجاج ومن كل تأكلون لحما طريا وتستخرجون حلية تلبسونها وترى الفلك فيه مواخر لتبتغوا من فضله ولعلكم تشكرون 12 يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل وسخر الشمس والقمر كل يجري لأجل مسمى ذلكم الله ربكم له الملك والذين تدعون من دونه ما يملكون من قطمير 13 إن تدعوهم لا يسمعوا دعاءكم ولو سمعوا ما استجابوا لكم ويوم القيامة يكفرون بشرككم ولا ينبئك مثل خبير 14}
  بالآخر وتعاقبعما «وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ» يجريهما كما يريد «كُلّ يَجْرِي لأَجَلٍ مُسَمًّى» قيل: لوقت معلوم، قيل: إلى أن تظهر أشراط الساعة، وقيل: إلى انقطاع حركاتها بالفناء، وقيل: أن ينتهيا إلى أقصى مكانهما في المشارق والمغارب، كل ذلك لمنافع العباد «ذَلِكُمُ اللَّهُ» مدبر هذه الأمور هو الله «رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ» في الدنيا والآخرة.
  ثم بَيَّنَ أنه المختص بالقدرة عليهما، فقال سبحانه: «وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِهِ» أي: تدعونه إلهًا وهو الأصنام «مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ» أي: لا يقدرون من ذلك على قليل ولا كثير، والقطمير: قشر النواة، عن ابن عباس، ومجاهد، وقتادة. «إِنْ تَدْعُوهُمْ لاَ يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ»؛ لأنه ليس بحي، والإدراك من مقتضى كونه حيًّا «وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ» قيل: هذا على وجه التقدير، أي: لو أحياهم وأسمعهم ما أجابوهم، ولما قدروا على معونتهم «وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ» قيل: يحيي الله الأصنام يوم القيامة فتتبرأ من المشركين ويوبخونهم على عبادتهم إياهم، عن أبي علي، وأبي مسلم. وقيل: المراد به الملائكة وكل معبود حي، وقيل: هذا على وجه التقدير، أي: لو أحياهم لفعلوا ذلك «وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ» يعني: لا يخبرك أحد مثل عالم لذاته وهو القديم سبحانه. وقيل: لا ينبئك بالصدق إلا الله؛ لأنه عالم بكل شيء، [و] قيل: لا ينبئك بخواتيم الأمور إلا العالم بها.
  · الأحكام: تدل الآيات على أنه قادر عالم، وعلى عظيم نعمه على عباده بأنواع النعم، وأنه يعلم تفاصيل الأشياء، وذلك يوجب كونه عالمًا لذاته.
  وتدل على أنه تعالى كتب الأعمال والآجال.
  ويدل قوله: {لِتَبْتَغُوا} على إباحة التجارة.
  ويدل قوله: {وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} على أنه أراد الشكر منْ عباده، وأن الشكر فعلُهم.
  وتدل الآية على قبح عبادة غير الله، وهو الخالق المالك للنفع والضر.