قوله تعالى: {ياأيها الناس أنتم الفقراء إلى الله والله هو الغني الحميد 15 إن يشأ يذهبكم ويأت بخلق جديد 16 وما ذلك على الله بعزيز 17 ولا تزر وازرة وزر أخرى وإن تدع مثقلة إلى حملها لا يحمل منه شيء ولو كان ذا قربى إنما تنذر الذين يخشون ربهم بالغيب وأقاموا الصلاة ومن تزكى فإنما يتزكى لنفسه وإلى الله المصير 18 وما يستوي الأعمى والبصير 19 ولا الظلمات ولا النور 20 ولا الظل ولا الحرور 21 وما يستوي الأحياء ولا الأموات إن الله يسمع من يشاء وما أنت بمسمع من في القبور 22 إن أنت إلا نذير 23 إنا أرسلناك بالحق بشيرا ونذيرا وإن من أمة إلا خلا فيها نذير 24 وإن يكذبوك فقد كذب الذين من قبلهم جاءتهم رسلهم بالبينات وبالزبر وبالكتاب المنير 25 ثم أخذت الذين كفروا فكيف كان نكير 26}
  والاستواء: خلاف الاعوجاج.
  والسمع: مصدر سمع سمعًا، وهو إدراك المسموع، والسمع: الأُذُن؛ لأنه يسمع به، والإسماع: إيجاب المسموع بحيث يدركه، أسمع يُسْمِعُ إسماعًا فهو مُسْمِعٌ.
  والزُّبُرُ: الكتب، الواحد: زبور، وقيل: الزبر: الكتابةُ الثابتةُ كالنقش في الحجر، وقيل: هو كل كتاب أحكمه، يقال: زَبَرْتُ الكتاب: أَحْكَمْتُهُ.
  · الإعراب: يقال: ما معنى (لا) في قوله: {وَلَا الظِّلُّ}؟
  قلنا: فيه قولان: قيل: زائدة مؤكدة، وقيل: إنها نافية لاشتهار كل واحد من المذكور على التفصيل.
  {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} رفع؛ لأن المعنى ليست تَزِرُ، فهذا خبر في اللفظ، نَهْيٌ في المعنى.
  {وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى} أي: لو كان المذكور ذا قربى.
  · المعنى: ثم بَيَّنَ تعالى أنه مع دعائهم إلى عبادته غني عنهم، وإنما يأمرهم لنفعهم، فقال سبحانه: «يَاأَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ» أي: المحتاجون إليه، وحاجتهم إليه في خلقهم وحياتهم وتنفسهم وصحتهم وخلق الرزق لهم وغير ذلك من نعم الدين والدنيا وأنواع دفع البلايا، ففي كل لحظة له على عباده نعم لمنافع ودفع بلايا «وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ» لا يحتاج إلى شيء «الْحَمِيدُ» المحمود بما أنعم، المستحق عليه الحمد «إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ» أي: لا يتعذر عليه إن يشأ يهلككم «وَيَأْتِ بِخلقٍ جَدِيدٍ» أي: يخلق خلقًا جديدًا «وَمَا ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ» أي: متعذر ثقيل «وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى» أي: لا تحمل حاملة حمل أخرى، يعني: لا يؤاخَذُ أحد بذنب أحد «وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ» أي: حاملة حملاً ثقيلاً «إِلَى حِمْلِهَا لَا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى» أي: ذا قرابة، والمعنى: لو استغاث مُثْقَلٌ بالآثام غَيَره مِنْ أقاربه مستغيثًا به لا يجيبه أحد، ولا