التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ألم تر أن الله أنزل من السماء ماء فأخرجنا به ثمرات مختلفا ألوانها ومن الجبال جدد بيض وحمر مختلف ألوانها وغرابيب سود 27 ومن الناس والدواب والأنعام مختلف ألوانه كذلك إنما يخشى الله من عباده العلماء إن الله عزيز غفور 28 إن الذين يتلون كتاب الله وأقاموا الصلاة وأنفقوا مما رزقناهم سرا وعلانية يرجون تجارة لن تبور 29 ليوفيهم أجورهم ويزيدهم من فضله إنه غفور شكور 30}

صفحة 5844 - الجزء 8

  عمر بن عبد العزيز: «يَخْشَى اللَّهُ» رفعًا «الْعُلَمَاءَ» نصبًا، وروي نحوه عن أبي حنيفة، على أن معنى (يخشى) يعلم، وقيل: يختار، ولا تجوز القراءة به؛ لأنه خلاف المستفيض، ويحمل على أنهما قالا: لو قرئ به لكان يصح في المعنى.

  · اللغة: الجُدَدُ: الطرائق، الواحد: جُدَّةٌ، نحو: مُدَّة ومُدَدٍ، فأما جمع جديد فجُدُدٌ بضم الدال [نحو]: سرير وسُرُر.

  والغِرْبِيبُ: الذي لونه كلون الغراب في السواد؛ فلذلك حسن أن يقال: سُودٌ، قال الفراء: وفيه تقديم وتأخير تقديره: سود غرابيب، الواحد: غِرْبِيبٌ، وهو الشديد السواد.

  والبور: الهلاك والكساد، يقال: بار بورًا: إذا كسد، وبار الطعام: كسد، وبارت السوق: إذا كسدت، قال الشاعر:

  يَا رَسُولَ الْمَلِيكِ إِنَّ لِسَانِي ... رَاتِقٌ مَا فَتَقْتُ إِذْ أَنَا بُورُ

  · الإعراب: «مُخْتَلِفًا» نصب على الحال، وقوله: {مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ} ذكر الكناية لأجل (مِنْ)، عن المؤرج.

  {جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُخْتَلِفٌ} رفع مختلفٌ؛ لأنه ابتداء.

  {يَرْجُونَ} جواب لقوله: {الَّذِينَ يَتْلُونَ}، عن الفراء. وقيل: جوابه في قوله: {لِيُوَفِّيَهُمْ}، وقيل: في قوله: {غَفُورٌ شَكُورٌ} تقديره: مَنْ قَالَ هذه الأشياء على هذا الرجاء يتحقق ظنهم لأنه غفور شكور، وقيل: ذكر الكناية في