قوله تعالى: {ألم تر أن الله أنزل من السماء ماء فأخرجنا به ثمرات مختلفا ألوانها ومن الجبال جدد بيض وحمر مختلف ألوانها وغرابيب سود 27 ومن الناس والدواب والأنعام مختلف ألوانه كذلك إنما يخشى الله من عباده العلماء إن الله عزيز غفور 28 إن الذين يتلون كتاب الله وأقاموا الصلاة وأنفقوا مما رزقناهم سرا وعلانية يرجون تجارة لن تبور 29 ليوفيهم أجورهم ويزيدهم من فضله إنه غفور شكور 30}
  (ألوانه)؛ لأن تقديره: فيما خلقنا مختلف ألوانه من الناس والدواب والأنعام، كاختلاف ما تقدم.
  · النزول: قيل: نزل قوله: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} في أبي بكر الصديق، قال عطاء الخراساني: ظهر من أبي بكر خوف حتى عرف به، فكلمه النبي ÷ في ذلك، فأنزل الله تعالى هذه الآية.
  · المعنى: ثم عاد الكلام إلى دلائل توحيده، فقال سبحانه: «أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً» وهو المطر «فَأَخْرَجْنَا بِهِ» أي: بالماء بجريان العادة به لا أنه موجب، وذكر مرة بالكناية ومرة بالنون وبالإضافة للتصرف في الكلام «ثَمَرَاتٍ مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهَا» وذلك من أدل الدلالة على توحيده، فإن الأرض والماء والهواء والشمس واحد، ثم تختلف الروائح والألوان والهيئات والمنافع والمضار، فيدل على مدبر حكيم، ثم خَلْقُ ذلك على نسق واحد يدل على أنه عالم بجميع الأشياء «وَمِنَ الْجِبَالِ» التي خلقها «جُدَدٌ بِيضٌ» طرائق بيض «وَحُمْرٌ مُخْتَلِفٌ [أَلْوَانُهَا]» ألوان الجبال «وَغَرَابِيبُ سُودٌ» أي: بعضها سود كالغراب، وذكر الغرابيب تأكيدًا، وذلك يدل على صانع مختار تختلف الألوان بحسب اختياره «وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالأَنعَامِ» من الإبل والبقر والغنم «مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ» بيض وسود وحمر وصفر وغير ذلك من ألوانها «كَذَلِكَ» أي: جعلناه مختلفًا كما جعلنا الجبال والثمار مختلفًا، وذلك يدل على صانع مدبر حكيم، مَنْ عَرَفَهُ لا يعبد غيره «إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ»؛ لأن مَنْ عَلِمَهُ بصفاته وعلم وعده ووعيده يخاف ارتكاب معاصيه فيتبع أوامره، وقيل: العلماء: العقلاء، والأول أوجه؛ لأنه ليس كل عاقل يخافه ويعلمه.