قوله تعالى: {والذين كفروا لهم نار جهنم لا يقضى عليهم فيموتوا ولا يخفف عنهم من عذابها كذلك نجزي كل كفور 36 وهم يصطرخون فيها ربنا أخرجنا نعمل صالحا غير الذي كنا نعمل أولم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر وجاءكم النذير فذوقوا فما للظالمين من نصير 37 إن الله عالم غيب السماوات والأرض إنه عليم بذات الصدور 38 هو الذي جعلكم خلائف في الأرض فمن كفر فعليه كفره ولا يزيد الكافرين كفرهم عند ربهم إلا مقتا ولا يزيد الكافرين كفرهم إلا خسارا 39 قل أرأيتم شركاءكم الذين تدعون من دون الله أروني ماذا خلقوا من الأرض أم لهم شرك في السماوات أم آتيناهم كتابا فهم على بينت منه بل إن يعد الظالمون بعضهم بعضا إلا غرورا 40}
  أجل الصاد الساكنة قبلها؛ لتعديل الحروف لحرف وسط بين الحرفين يوافق الصاد بالاستعلاء ويوافق التاء بالمخرج.
  والمَقْتُ: البغض، مَقَتُّهُ مَقْتًا فهو مقيت وممقوت.
  والخسار: الهلاك، ومنه الخسران، وخَسِرْتُ الشيء وأَخْسَرْتُهُ: نقصته.
  · الإعراب: «جَهَنَّمَ» لا ينصرف، ومحله جر؛ لأنه مضاف إليه.
  «نَعْمَلْ» جزم؛ لأنه جواب الشرط. {يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا} نصب على جواب الجحود؛ لأن قوله: {لَا يُقْضَى} جحد.
  · المعنى: لما تقدم ذكر ما أعد للمؤمنين عقبه بذكر ما أعد للكافرين؛ لأن القيامة أتت عليهما، فقال سبحانه: «وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نَارُ جَهَنَّمَ» يعذبون فيها «لَا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا» أي: لا يحكم عليهم بالموت فيموتوا ويستريحوا «وَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذَابِهَا» بأن يَقِلَّ العذاب.
  ومتى قيل: كيف يصح هذا مع قوله: {كُلَّمَا خَبَتْ زِدْنَاهُمْ سَعِيرًا}[الإسراء ٩٧]؟
  قلنا: التخفيف يحصل بتسهيل الآلام، وغير واقع ذلك، وإن كانت النار تارة تسعر، وتارة تخبو.
  «كَذَلِكَ نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ» أي: بمثل هذا العذاب العظيم نجزي كل كافر «وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا» أي: يستغيثون فينوحون بصوت عالٍ؛ لِمَا نالهم من شدة العذاب ويقولون «رَبَّنَا أَخْرِجْنَا» من النار «نَعْمَلْ صَالِحًا غَيرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ» قيل: هذا في الدنيا، فيقول الله تعالى مجيبًا: «أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ» أي: ألسنا أبقيناكم وعمرناكم مدة طويلة يتمكن الغافل فيها أن يتذكر ويتلافى، واختلفوا في هذه المدة، قيل: أربعون سنة، عن ابن عباس، ومسروق. وقيل: ستون، عن ابن عباس،