التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {والذين كفروا لهم نار جهنم لا يقضى عليهم فيموتوا ولا يخفف عنهم من عذابها كذلك نجزي كل كفور 36 وهم يصطرخون فيها ربنا أخرجنا نعمل صالحا غير الذي كنا نعمل أولم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر وجاءكم النذير فذوقوا فما للظالمين من نصير 37 إن الله عالم غيب السماوات والأرض إنه عليم بذات الصدور 38 هو الذي جعلكم خلائف في الأرض فمن كفر فعليه كفره ولا يزيد الكافرين كفرهم عند ربهم إلا مقتا ولا يزيد الكافرين كفرهم إلا خسارا 39 قل أرأيتم شركاءكم الذين تدعون من دون الله أروني ماذا خلقوا من الأرض أم لهم شرك في السماوات أم آتيناهم كتابا فهم على بينت منه بل إن يعد الظالمون بعضهم بعضا إلا غرورا 40}

صفحة 5856 - الجزء 8

  وروي مرفوعًا. وروى أبو هريرة عن النبي ÷: «أكثر أعمار أمتي ما بين الستين إلى السبعين»، وعنه ÷: «معترك منايا أمتي ما بين الستين إلى السبعين» «وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ» أي: أتاكم المخوف، وقيل: النذير: هو النبي - ÷، عن ابن زيد، وأبي علي، وجماعة؛ وهو الأولى؛ لأنه الحقيقة. وقيل: النذير: القرآن، عن زيد بن علي #. وقيل: هو الشيب، عن عكرمة، وسفيان بن عيينة، ووكيع. أشار تعالى إلى أنه أزاح العلة، وأنهم أُتُوا في العذاب من جهتهم، والمراد بالتذكر: التدبر في أمر دينه وعواقب حاله «فَذُوقُوا» أي: لما لم تتفكروا فذوقوا العذاب «فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ» أي: ناصر ينجيهم من العذاب «إِنَّ اللَّهَ عَالِمُ غَيْبِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ» أي: اتقوا معاصيه فإنه عالم بجميع ذلك، ولما في الصدور، فيجازيكم به، وقيل: عليم بأنهم لو ردوا لعادوا إلى الكفر، عن أبي مسلم. «هُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ» يا أمة محمد «خَلاَئِفَ في الْأَرْضِ» قيل: أمة بعد أمة وقرنًا بعد قرن، عن قتادة. وقيل: جعلكم خلائف القرون الماضية بأن أحدثكم بعدهم، وأورثكم ما كان لهم، وأنعم عليكم لتشكروه «فَمَنْ كَفَرَ فَعَلَيهِ كفْرُهُ» أي: يعود وباله وضرره عليه «وَلاَ يَزِيدُ الْكَافِرِينَ كُفْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ إِلَّا مَقْتًا» قيل: غضبًا، وقيل: عذابًا «وَلاَ يَزِيدُ الْكَافِرِينَ كُفْرُهُمْ إِلَّا خَسَارًا» قيل: هلاكًا، وقيل: خسرانًا «قُلْ» يا محمد أو أيها المؤمن لهَؤُلَاءِ الكفار: «أَرَأَيْتُمْ شُرَكَاءَكُمُ» قيل: الَّذِينَ أشركتموهم في أموالكم وجعلتم لهم قسطًا منها وهي الأوثان، عن أبي علي. وقيل: الَّذِينَ أشركتموهم في العبادة «الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ» ما حجتهم فيه «أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ» حتى يستحق على ذلك الشرك في الإلهية، وقيل: خلقوا في الأرض من شيء «أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّمَاوَاتِ» في خلقها وما فيها، أشار إلى [أن] خالق الأجسام يستحق العبادة والإلهية «أَمْ آتَينَاهُمْ كتَابًا» أي: أعطيناهم كتابًا يدل على صحة ما هم عليه «فَهُمْ عَلَى بَيِّنَتٍ» أي: حجة {مِنْهُ}، يعني: لا دليل له عقلاً ولا سمعًا، وإنما اعتقدوه تقليدًا «بَلْ إِنْ يَعِدُ الظَّالِمُونَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا إِلَّا غُرُورًا» يعني: أن ذلك فيهم غرور، لا عن حجة؛ لكن بعضهم يغر