قوله تعالى: {إنما تنذر من اتبع الذكر وخشي الرحمن بالغيب فبشره بمغفرة وأجر كريم 11 إنا نحن نحي الموتى ونكتب ما قدموا وآثارهم وكل شيء أحصيناه في إمام مبين 12 واضرب لهم مثلا أصحاب القرية إذ جاءها المرسلون 13 إذ أرسلنا إليهم اثنين فكذبوهما فعززنا بثالث فقالوا إنا إليكم مرسلون 14 قالوا ما أنتم إلا بشر مثلنا وما أنزل الرحمن من شيء إن أنتم إلا تكذبون 15 قالوا ربنا يعلم إنا إليكم لمرسلون 16 وما علينا إلا البلاغ المبين 17}
  حسنا كان أو قبيحًا. وقيل: ما خلفوه من الأموال، عن أبي مسلم. «وَكُلَّ شَيءٍ أحْصَينَاهُ» قيل: علمناه، وقيل: عددناه «فِي إِمَامٍ مُبِينٍ» أي: كتاب مبين، وهو اللوح المحفوظ، كتاب الله للملائكة، قيل: سمي إمامًا؛ لأنه يقتدى به، وقيل: لأنه أول الكتب وسابقها.
  ثم ضرب مثلا فقال سبحانه: «وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا أَصْحَابَ الْقَرْيَةِ» قيل: أخبر خبر القرية التي أهلكهم الله تعالى بتكذيبهم الرسل، وقيل: مَثِّلْ لهم مثلاً يزيدهم بصيرة، قيل: القرية أنطاكية «إِذْ جَاءَهَا الْمُرْسَلُونَ» قيل: هم رسل عيسى وهم الحواريون، عن وهب، وكعب. وقيل: هم رسل الله بعثهم إلى قرية، وهو الوجه. «إِذْ أَرْسلنَا إِلَيهِمُ اثْنَينِ» أي: رسولين «فَكَذَّبُوهُمَا» وقيل: هما من رسل الله، وهو الوجه. وقيل: من رسل عيسى «فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ» أي: قوينا وشددنا، عن مجاهد، وابن زيد. وقيل: الثالث: شمعون الصفا، وقيل: غيره، وهو الصحيح. وقيل: بعثوا إلى آل ياسين، وفيهم حبيب النجار، فآمن بهم. ومن قال: إنهم رسل عيسى، قال: إنما أضافه إلى نفسه؛ لأن عيسى أرسلهم بأمره، ولكن الحقيقة ما ذكرناه أوَّلاً «فَقَالُوا» أي: الرسل لقومهم «إِنَّا إِلَيْكُمْ مُرْسَلُونَ» وقال القوم مجيبين: «مَا أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا» فلا تصلحون للرسالة كما لا نصلح نحن «وَمَا أَنزَلَ الرَّحْمَنُ مِن شَيءٍ إِنْ أَنتُمْ إِلَّا تَكْذِبُونَ» أي: ما أنتم إلا كذبة «قَالُوا رَبُّنَا يَعْلَمُ إِنَّا إِلَيْكُمْ لَمُرْسَلُونَ» قيل: لما قامت الحجة بظهور المعجزة ولم يقبلوها قالوا ذلك، وقيل: لما لم يكن في القرية من يشهد لهم اكتفوا بشهادة الله، وقيل: هو وعيد لهم «وَمَا عَلَيْنَا إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ» أي: بلاغ الرسالة المبينة للحق.
  · الأحكام: تدل الآيات على أن أعمال العباد مكتوبة، وفيه تحذير ولطف.
  وتدل. أن بَعْثَهُ جماعة في وقت واحد جائز.
  ومتى قيل: معجزتهم تتغاير أم لا؟