قوله تعالى: {إنما تنذر من اتبع الذكر وخشي الرحمن بالغيب فبشره بمغفرة وأجر كريم 11 إنا نحن نحي الموتى ونكتب ما قدموا وآثارهم وكل شيء أحصيناه في إمام مبين 12 واضرب لهم مثلا أصحاب القرية إذ جاءها المرسلون 13 إذ أرسلنا إليهم اثنين فكذبوهما فعززنا بثالث فقالوا إنا إليكم مرسلون 14 قالوا ما أنتم إلا بشر مثلنا وما أنزل الرحمن من شيء إن أنتم إلا تكذبون 15 قالوا ربنا يعلم إنا إليكم لمرسلون 16 وما علينا إلا البلاغ المبين 17}
  بَزَّ، ومنه: إذا عزّ أخوك فَهُنْ. الباقون بالتشديد، أي: قوينا، يقال: أعززته: جعلته عزيزًا، و عزّزته: قويته.
  · اللغة: الإحصاء: العدّ، أحصى يحصي، أي: عَدَّ.
  والإمام: من يؤتم به، وأصله: القصد، أمَّ يؤم أَمًّا، وسمي الكتاب إمامًا؛ لأنه يؤتم به.
  · الإعراب: «أَصْحَابَ» نصب بدلاً من قوله: {مَثَلًا}، وقيل: نصب على التفسير، كأنه قيل: قل: مثلاً، ثم فسر المَثَلَ.
  · النزول: نزل قوله: {وَآثَارَهُمْ} في بني عذرة، كانت منازلهم بعيدة من المسجد، فشق عليهم حضور الصلوات، فنزلت الآية فيهم، وآثارهم خطاهم إلى المسجد. وقيل: هو عام.
  · المعنى: ثم بيَّن حال من ينتفع بإنذاره، فقال سبحانه: «إِنَّمَا تُنْذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ» أي: القرآن، يعني: أنك وإن جئت منذرًا للجميع، فإنما ينتفع بإنذارك من يتبع القرآن ويقبله «وَخَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ» قيل: حال غيبتهم عن الناس خلاف المنافقين. وقيل: خبر ما غاب عنه من أمر الآخرة «فَبَشِّرْهُ» يعني: هَؤُلَاءِ «بِمَغْفِرَةٍ» من الله «وَأَجْرٍ كَرِيمٍ» أي: ثواب خالص من الشوائب.
  ثم بيّن متى يكون ذلك، فقال سبحانه: «إِنَّا نَحْنُ نُحْيِ الْمَوْتَى» للجزاء يوم القيامة «إِنَّا نَحْنُ نُحْيِ الْمَوْتَى» أي: الأعمال، عن مجاهد. وقيل: ما قدموا من أعمال ليس لها أثر «وَآثَارَهُمْ» ما له أثر، عن أبي علي. «وَآثَارَهُمْ» قيل: أعمالهم التي صارت سُنَّةً بعدهم،