قوله تعالى: {وآية لهم أنا حملنا ذريتهم في الفلك المشحون 41 وخلقنا لهم من مثله ما يركبون 42 وإن نشأ نغرقهم فلا صريخ لهم ولا هم ينقذون 43 إلا رحمة منا ومتاعا إلى حين 44 وإذا قيل لهم اتقوا ما بين أيديكم وما خلفكم لعلكم ترحمون 45 وما تأتيهم من آية من آيات ربهم إلا كانوا عنها معرضين 46 وإذا قيل لهم أنفقوا مما رزقكم الله قال الذين كفروا للذين آمنوا أنطعم من لو يشاء الله أطعمه إن أنتم إلا في ضلال مبين 47}
  قلنا: محذوف، تقديره: إذا قيل لهم أنفقوا أعرضوا، وقيل: الابتداء الثاني، وجوابه جواب الأول، وتقديره: إذا قيل لهم أنفقوا قالوا: كذا.
  {إِلَّا رَحْمَةً} نصب {رَحْمَةً} على الاستثناء، {وَمَتَاعًا} عطف عليه.
  · النزول: قيل: نزل قوله: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ أَنْفِقُوا} في مشركي مكة لما سألهم فقراء أصحاب رسول الله، ÷ أبوا أن يعطوهم، وقالوا: لو شاء الله لأطعمكم، لا نطعمكم حتى ترجعوا إلى ديننا.
  · المعنى: ثم ذكر دلالة أخرى، فقال سبحانه: «وَآيَةٌ لَهُمْ» أي: حجة لمن تفكر «أَنَّا حَمَلْنَا ذُرِّيَّتَهُمْ» الصبيان والنساء، وخصهم بالذكر لضعفهم، وقيل: «ذُرِّيَّتَهُمْ» هم الصبيان الصغار «فِي الْفُلْكِ» قيل: سفينة نوح، عن الضحاك، وقتادة، وجماعة من المفسرين، وهو قول الفراء، وزيفه أبو مسلم وقال: لا مجال له في الظاهر لقوله: «ذُرِّيَّتَهُمْ»، وقيل: هي السفن الجارية في البحار، عن أبي علي، وأبي مسلم. وعلى القول الأول يعني حملنا الآباء في السفينة والذرية في الأصلاب. «الْمَشْحُونِ» الموقر، عن ابن عباس؛ «وَخَلَقْنَا لَهُمْ مِنْ مِثْلِهِ مَا يَرْكَبُونَ» قيل: مثل سفينة نوح بعده، عن ابن عباس. وهي السفن كلها. وقيل: مثل السفينة من الدواب كالإبل والبقر والحمر، عن أبي علي. وقيل: الإبل سفن البر، عن مجاهد. وقيل: السفن الصغار، فأما أبو مسلم فيقول: الأول والثاني في السفن يرجع إلى قوله: «نُغْرِقْهُمْ» إلى الجميع. وإن حملنا الثاني على الدواب رجع «نُغْرِقْهُمْ» إلى الأول «فَلَا صَرِيخَ لَهُمْ» أي: لا مغيث لهم «وَلاَ هُمْ يُنقَذُونَ» أي: لا ينجون من ذلك، أشار إلى نعمه عليهم مع كفرهم في البر والبحر «إِلَّا رَحْمَةً مِنَّا» أي: أبقيناهم نعمة منا عليهم وإمتاعًا إلى مدة. وقيل: إلى