قوله تعالى: {ولو نشاء لطمسنا على أعينهم فاستبقوا الصراط فأنى يبصرون 66 ولو نشاء لمسخناهم على مكانتهم فما استطاعوا مضيا ولا يرجعون 67 ومن نعمره ننكسه في الخلق أفلا يعقلون 68 وما علمناه الشعر وما ينبغي له إن هو إلا ذكر وقرآن مبين 69 لينذر من كان حيا ويحق القول على الكافرين 70}
  رجلاه قبل رأسه، والنُّكْسُ في المرض بضم النون، وبكسرها: السهم [يُنَكَّس]، فُوقُهُ فيجعل أعلاه أسفله.
  · المعنى: ثم بَيَّنَ تعالى أنه يمهلهم رحمة منه مع قدرته عليهم، فقال سبحانه: «وَلَوْ نَشَاءُ لَطَمَسْنَا» محونا «عَلَى أَعْيُنِهِمْ» فأعميناهم، قيل: أعميناهم عن الهدى، عن ابن عباس. وقيل: تركناهم عميًا يترددون، عن الحسن، وقتادة، وأبي علي. وقيل: لما عموا عن الحق لو شئنا أعميناهم إلا أنه يمهلهم، وقيل: لو نشاء قبل الجزاء في دار الآخرة أن نطمس أعينهم فكيف كانوا يبصرون؟ عن أبي مسلم. «فَاسْتَبَقُوا الصِّرَاطَ» أي: طلبوا الطريق إلى مقاصدهم فلم يهتدوا، وقيل: طلبوا طريق الحق، وقد عموا عنه فكيف يبصرون؟ عن ابن عباس. «فَأَنَّى يُبْصِرُونَ» أي: كيف يبصرون لو فعلت ذلك بهم، وقيل: لو طلبوا السبق إلى طريق النجاة ولا نصير لهم، فكيف يبصرونه «وَلَوْ نَشَاءُ لَمَسَخْنَاهُمْ عَلَى مَكَانَتِهِمْ» أي: لو نشاء لعذبناهم بنوع آخر من العذاب قدرنا عليه بأن أقعدناهم في منازلهم ممسوخين قردة وخنازير، وقيل: نغير صورتهم عما خلقناهم عليه. وقيل: نجعلهم مواتًا حجارة، عن أبي علي. والمكان والمكانة واحد، عن أبي عبيدة. وقيل: لو نشاء لجمعناهم مقعدين على أرجلهم، عن الحسن، وقتادة. ولو فعل ذلك لبقوا على مكانتهم «فَمَا اسْتَطَاعُوا» أي: ما قدروا «مُضِيًّا وَلَا يَرْجِعُونَ» أي: تقدمًا وتأخرًا، فالمضي: التقدم، والرجوع: التأخر، عرفهم قدرته عليهم، وحذرهم سطوته، وحثهم على التلافي والتوبة. وقيل: لا يستطيعون الرجوع إلى ما كانوا عليه، وقيل: مجيئًا وذهابًا «وَمَنْ نُعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ [فِي الْخَلْقِ]» أي: نطيل عمره ونُصَيِّرُهُ إلى حال الهرم وأرذل العمر التي تُشبه حال الصبي في ضعف القوة وعزوب العلم، عن قتادة. وقيل: نصيره بعد القوة إلى الضعف، وبعد الزيادة إلى النقصان، وبعد الطراوة