قوله تعالى: {فاستفتهم أهم أشد خلقا أم من خلقنا إنا خلقناهم من طين لازب 11 بل عجبت ويسخرون 12 وإذا ذكروا لا يذكرون 13 وإذا رأوا آية يستسخرون 14 وقالوا إن هذا إلا سحر مبين 15 أإذا متنا وكنا ترابا وعظاما أإنا لمبعوثون 16 أوآباؤنا الأولون 17 قل نعم وأنتم داخرون 18 فإنما هي زجرة واحدة فإذا هم ينظرون 19 وقالوا ياويلنا هذا يوم الدين 20}
  مخرجها، فجاز أن يقوم مقامها، تقول العرب: طين لازب ولازم، ويصرف لزِب ولَزُبَ يَلْزُبُ بكسر الزاي وضمها لُزُوبًا.
  والعجب: تغير النفس بالعثور على شيء خفي عليه سببه مما لم تَجْرِ به عادة، عَجِبَ عَجَبًا وتعجب تعجبًا.
  والداخر: الصاغر أشد الصَّغر، والصاغر: الذليل الصغير قدره، والدخرة:
  الصرفة عن الشيء بالمخافة، كأنهم زجروا عن الحال التي هم عليها إلى المصير إلى الوقوف للجزاء.
  · الإعراب: الواو في قوله: {وَيَسْخَرُونَ} واو الحال.
  {وَأَنْتُمْ دَاخِرُونَ} ابتداء وخبر، وفيه حذف؛ أي: نعم تبعثون، وأنتم داخرون.
  · المعنى: ثم عَجَّبَ رَسُولَهُ من حالهم في إنكارهم مع كثرة الدلائل، فقال سبحانه: «فَاسْتَفْتِهِمْ» أي: سل هَؤُلَاءِ الكفرة، قيل: أهل مكة، وقيل: من كان في عصره من الكفار، والكناية عنهم في قوله: {إِنَّ إِلَهَكُمْ لَوَاحِدٌ}، فعطف هذا عليها، واختلفوا في هذا السؤال، قيل: سؤال تقرير، وقيل: بل سؤال توبيخ «أَهُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمْ مَنْ خَلَقْنَا» من الأمم الماضية وقد أهلكناهم بذنوبهم، وقيل: من السماوات والأرض وما بينهما، وقيل: من الملائكة والسماوات والأرض وغير ذلك، وقيل: أراد الجن والشياطين، يعني: مَنْ قَدَرَ على إهلاكهم مع قوتهم على صعود السماء واستراق السمع يقدر على إهلاك هَؤُلَاءِ وقد خلقهم من طين «إِنَّا خَلَقْنَاهُمْ مِنْ طِينٍ لَازِبٍ» أي: لازق، يعني: آدم. وقيل: لازم، عن مجاهد، وقتادة. «بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخَرُونَ» أي: عجبت يا محمد من تكذيبهم، وهم يسخرون من تعجيبك، وقد عجبت من هذا القرآن حين أعطيته وسخر منه أهل الضلال، عن قتادة. وقيل: عجبت من جهلهم ويسخرون من حقك، وقيل: عجبت من إنكارهم التوحيد مع كثرة الدلائل، وهم يسخرون منك إذا دعوتهم إلى التوحيد، عن أبي علي. وقيل: «يَسْخَرُوَنَ» أي: يستدعي بعضهم بعضًا إلى السخرية كما يفعله أهل البدع بأهل الحق «وَإِذَا ذُكِّرُوا» بالقرآن ومواعظه لا يتعظون،