التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {هذا يوم الفصل الذي كنتم به تكذبون 21 احشروا الذين ظلموا وأزواجهم وما كانوا يعبدون 22 من دون الله فاهدوهم إلى صراط الجحيم 23 وقفوهم إنهم مسئولون 24 ما لكم لا تناصرون 25 بل هم اليوم مستسلمون 26 وأقبل بعضهم على بعض يتساءلون 27 قالوا إنكم كنتم تأتوننا عن اليمين 28 قالوا بل لم تكونوا مؤمنين 29 وما كان لنا عليكم من سلطان بل كنتم قوما طاغين 30 فحق علينا قول ربنا إنا لذائقون 31 فأغويناكم إنا كنا غاوين 32}

صفحة 5915 - الجزء 8

  والمسيء، وقيل: يوم قطع الخصومات «الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ» يعني: تكذبون الرسل فيما تخبركم به «احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا» قيل: ظلموا أنفسهم بمخالفة أمر الله وتكذيب الرسل، وقيل: ظلموا الناس، وقيل: ظلموا الرسل بالتكذيب «وَأَزْوَاجَهُمْ» قيل: أشباههم، عن ابن عباس، ومجاهد، وابن زيد. ومنه: {وَكُنْتُمْ أَزْوَاجًا ثَلَاثَةً}⁣[الواقعة: ٧] أي: أشكالاً وأشباهًا، وقيل: أشياعهم من الكفار، عن قتادة. وقيل: أتباعهم، عن ابن عباس. وقيل: أتباعهم على الكفر من نسائهم، قال الحسن: يعني أزواجهم المشركات، وهذا أوضح الأقوال. وقيل: الرؤساء والأعوان. وقيل: قرناؤهم من الشياطين الَّذِينَ أطاعوهم، عن الضحاك، ومقاتل. وقيل: مَنْ عَمِلَ مِثْلَ عملهم، فأهل الخمر يجمع إلى أهل الخمر، وأهل الزنا إلى أهل الزنا كذلك غيرهم.

  ومتى قيل: فما هذا الحشر؟

  قلنا: الحشر إلى النار لذلك قال بعده: «فَاهْدُوهُمْ إِلَى صِرَاطِ الْجَحِيمِ».

  ومتى قيل: فلم قال: «وَقِفُوهُمْ»؟

  قلنا: الواو لا يوجب الترتيب، كأنه قيل: احشروهم وقفوهم، ثم احشروهم إلى النار؛ لأن المساءلة تتقدم على دخول النار، وقيل: احشروهم من قبورهم إلى القيامة.

  «وَمَا كَانوا يَعْبُدُونَ، مِنْ دُونِ اللَّهِ» في الدنيا، قيل: الأصنام، وقيل: الشياطين الَّذِينَ أطاعوهم، وقيل: كل معبود سوى الله.

  ومتى قيل: لماذا تعاد الأصنام؟

  قلنا: مبالغة في توبيخهم؛ وجعل ذلك عقوبة لهم، وقيل: أراد بذلك خدم الملوك على الظلم، وعبادتهم: طاعتهم إياهم في معصية الله؛ كعلماء السوء وملوك الظلم بعضهم أعوان بعض.

  «فَاهْدُوهُمْ» قيل: ادعوهم، عن الضحاك. وقيل: دلوهم، عن ابن عباس. «إِلَى صِرَاطِ الْجَحِيمِ» طريق النار «وَقِفُوهُمْ» احبسوهم «إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ» قيل: هذه مساءلة