التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {فإنهم يومئذ في العذاب مشتركون 33 إنا كذلك نفعل بالمجرمين 34 إنهم كانوا إذا قيل لهم لا إله إلا الله يستكبرون 35 ويقولون أئنا لتاركو آلهتنا لشاعر مجنون 36 بل جاء بالحق وصدق المرسلين 37 إنكم لذائقو العذاب الأليم 38 وما تجزون إلا ما كنتم تعملون 39 إلا عباد الله المخلصين 40 أولئك لهم رزق معلوم 41 فواكه وهم مكرمون 42 في جنات النعيم 43 على سرر متقابلين 44 يطاف عليهم بكأس من معين 45 بيضاء لذة للشاربين 46 لا فيها غول ولا هم عنها ينزفون 47 وعندهم قاصرات الطرف عين 48 كأنهن بيض مكنون 49}

صفحة 5918 - الجزء 8

  لَعَمْري لَئِنْ أَنْزَفْتُمُ أو صَحَوْتُمُ ... لبِئْسَ النَّدامى أنتمُ آلَ أَبْجرا

  وأراد السكر، والنزيف قيل: السكران، وقيل: المخمور، وجائز أن يكون على المعنيين. وأما الكسر: أَنْزَفَ فهو مُنْزِفٌ: إذا فنيت خمره، ويقال: أنزف: إذا سكر أيضًا، والنزيف: المخمور أيضًا منه.

  وفي {الْمُخْلَصِينَ} فتح اللام وكسرها قراءتان بَيَّنَّاها، فالفتح: أخلصهم الله بلطفه واصطفاهم بفضله، وبالكسر: أخلصوا الطاعة لله.

  · اللغة: الاستكبار طلب الكبر بما يضعف عنه، وذلك صفة ذمّ، استكبر استكبارًا.

  والترك: ضد الأخذ، وهما ضدان، فهل يخلو المكلف منهما؟ قيل: لا، عند أبي علي، وقيل: بلى، عند أبي هاشم.

  والجنون: ذهاب العقل، وأصل الباب: الستر والتغطية، ومنه: جن الليل، والجن، والجنان، والجنين، والمِجَنّ، والجنة.

  والإخلاص: إخراج. الشائب عن الشيء، أخلصه إخلاصًا، فهو مُخْلِصٌ، وذاك مُخْلَصٌ.

  والرزق: العطاء الجاري.

  والإكرام: الإعظام.

  والكأس: الإناء فيها الخمر، ولا يكون كأسًا حتى يكون فيها الخمر، قال الشاعر:

  وَكَانَ الكأسُ مَجْرَاهَا الْيَمِينَا