قوله تعالى: {فإنهم يومئذ في العذاب مشتركون 33 إنا كذلك نفعل بالمجرمين 34 إنهم كانوا إذا قيل لهم لا إله إلا الله يستكبرون 35 ويقولون أئنا لتاركو آلهتنا لشاعر مجنون 36 بل جاء بالحق وصدق المرسلين 37 إنكم لذائقو العذاب الأليم 38 وما تجزون إلا ما كنتم تعملون 39 إلا عباد الله المخلصين 40 أولئك لهم رزق معلوم 41 فواكه وهم مكرمون 42 في جنات النعيم 43 على سرر متقابلين 44 يطاف عليهم بكأس من معين 45 بيضاء لذة للشاربين 46 لا فيها غول ولا هم عنها ينزفون 47 وعندهم قاصرات الطرف عين 48 كأنهن بيض مكنون 49}
  «لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ» أي: يلتذ الشارب بشربها «لَا فِيهَا غَوْلٌ» أي: لا تغتال العقول فتذهب بها، يقال: غاله: إذا ذهب به، عن الشعبي. وقيل: لا تبعد عقولهم عنه. وقيل: لا يكون منه صداع وأذى كما يكون من خمر الدنيا، عن ابن عباس، وقتادة. وقيل: ليس فيها إثم، عن الكلبي. وقيل: وجع البطن، عن قتادة. وقيل: داء، عن الحسن، ومجاهد، وأبي علي. «[وَلَا هُمْ] عَنْهَا يُنْزَفُونَ» قيل: يسكرون، والنزيف: السكران، ولا هم تنزف عقولهم بالسكر، عن أبي علي. وقيل: بكسر الزاي لا ينفد خمرهم «وَعِنْدَهُمْ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ» أي: أزواج حابسات الطرف غاضات الجفون، قصرن أعينهن على أزواجهن، عن الحسن. أشار إلى عفتهن ومحبتهن للأزواج «عِينٌ» قيل: حسان العيون كحلها. وقيل: شديد بياض العين شديد سوادها، عن الحسن. «كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَكْنُونٌ» أي: مصون. وقيل: شبهها ببيض النعام بكنِّها بالريش من الريح والغبار، عن الحسن، وابن زيد. وقيل: شبه لونهن بالبيض في البياض، عن أبي علي.
  وقيل: شبهها بباطن البيض قبل أن يقشر وتمسه الأيدي، عن سعيد بن جبير، والسدي.
  · الأحكام: تدل الآيات أن الثواب والعقاب جزاء على الأعمال، خلاف ما يقوله أهل الجبر.
  وتدل أن للعبد فعلاً حتى يستحق الجزاء، فيبطل قولهم في المخلوق.
  ويدل قوله: {رِزْقٌ مَعْلُومٌ} أن الثواب مقدر؛ ولذلك يقع التفاضل بين أهل الثواب.
  وتدل أن الثواب نعمة يقترن بها التعظيم؛ لذلك قال: {مُكْرَمُونَ}، ولذلك يحسن التكليف؛ لأن التعظيم لا يجوز الابتداء به.
  وتدل على نعيم أهل الجنة.
  وتدل أنهم يأكلون ويشربون ويتمتعون، وأن المثاب هذه الجثة، بخلاف قول الباطنية.