التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {وإن يونس لمن المرسلين 139 إذ أبق إلى الفلك المشحون 140 فساهم فكان من المدحضين 141 فالتقمه الحوت وهو مليم 142 فلولا أنه كان من المسبحين 143 للبث في بطنه إلى يوم يبعثون 144 فنبذناه بالعراء وهو سقيم 145 وأنبتنا عليه شجرة من يقطين 146 وأرسلناه إلى مائة ألف أو يزيدون 147 فآمنوا فمتعناهم إلى حين 148}

صفحة 5952 - الجزء 8

  وقيل: وجه الأرض، عن الكلبي، ومقاتل. وقيل: بأرض واسعة، عن الفراء. وقيل: بالساحل، عن السدي. «وَهُوَ سَقِيمٌ» مريض ضعيف، وعن ابن مسعود أنه خرج كهيئة الفرخ ليس عليه ريش، فاستظل بالشجرة من الشمس «وَأَنْبَتْنَا عَلَيْهِ شَجَرَةً» تظله، فكأنه علاه شجرة «مِنْ يَقْطِينٍ» قيل: القرع، عن ابن مسعود. وقيل: هو كل نبت ينبسط على وجه الأرض ولا ساق له، عن ابن عباس، والحسن، ومقاتل. وقيل: بل كانت شجرة يستظل بها، وكانت وعلة تختلف إليه، فيشرب من لبنها، عن مقاتل. وقيل: سماها شجرة لساقها ويقطينًا لعظم ورقها «وَأَرْسَلْنَاهُ» قيل: كان رسولاً قبل أن صار إلى بطن الحوت، وتقديره: وقد أرسلناه «إِلَى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ» قيل: أرسل إلى القوم الأولين وكان وعدهم بالعذاب وخرج، فلما رأوا الآيات طلبوه فلم يجدوه، فدعوا الله وتضرعوا، فكشف عنهم وعاد هو إليهم، وقيل: بل بعث إلى قوم آخرين غير الأولين، وقيل: أرسل إلى أهل نينوى من أرض الموصل، عن قتادة. وقيل: لم يكن رسولاً قبل أن صار إلى بطن الحوت؛ ولكن كان مؤمنًا، ثم بعث من بعد، وهو خلاف الظاهر. وقيل: معنى «أَرْسَلْنَاهُ»: أطلقناه وخليناه، يعني: رجع إلى قومه الأولين «إِلَى مِائَةِ أَلْفٍ [أَوْ يَزِيدُونَ]» قيل: عشرون ألفًا، عن ابن عباس، ومقاتل. وقيل: بضع وثلاثون ألفًا، عن الحسن، والربيع. وقيل: سبعون ألفا، عن مقاتل بن حيان. «فَآمَنُوا» قيل: هم القوم الأول آمنوا عند رؤية آثار العذاب، وقيل: قوم أخر آمنوا به «فَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ» إلى مدة وهو انقضاء آجالهم.

  · الأحكام.

  تدل الآية على أن يونس أبق، والصحيح أنه أبق من قومه على ما بَيَّنَّا، وأنه إما أن كانت صغيرة وإما مباحًا.

  وتدل أنه لبث في بطن الحوت ونبذ بالعراء، وأنبتت عليه شجرة، وكل ذلك كان تكليفًا وتعبدًا ومعجزة له، ولم يكن عقوبة.