التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {أياما معدودات فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين فمن تطوع خيرا فهو خير له وأن تصوموا خير لكم إن كنتم تعلمون 184}

صفحة 762 - الجزء 1

  عن الحسن والأصم وأبي مسلم. وهذا لا يصح؛ لأنه لم يَجْرِ له ذكر، ولأن الإضمار مذكر، وقيل: إنها نزلت في الشيخ الهرم، ولا نسخ فيه، عن السدي. وروي عنه أنها نزلت فيه وفي الحامل والمرضع إذا خافتا على ولدهما فنسخ فيهما دون الشيخ الهرم.

  «طَعَامُ مَسَاكِينَ» يعني لكل يوم طعام مسكين، وعلى القراءة الأخرى لكل الأيام طعام مساكين «فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيرًا فَهُوَ خَير لَهُ» قيل: تطوع بزيادة، عن ابن عباس وأبي علي، وذلك يكون بوجهين:

  أحدهما: أن يطعم مسكينين أو أكثر، عن عطاء وطاووس والسدي.

  والثاني: أن يطعم المسكين الواحد أكثر من قدر الكفاية حتى يزيده على نصف صاع، عن مجاهد، وقيل: عَمِلَ بِرًّا في جميع الدين، عن الحسن، وقيل: صيام مع الفدية، عن ابن شهاب.

  {وَأَنْ تَصُومُوا خَيرٌ لَكُمْ} يعني الصوم خير من الإفطار والفدية «إنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ» إن كنتم علماء لمشقته عليكم، وقيل: إن كنتم تعلمون أن الصوم خير لكم من الإفطار.

  · الأحكام: يدل قوله: «أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ» على أن الصوم يجب في أيام، والصحيح أنها شهر رمضان لما قدمنا، ولأن صومه ثابت بالإجماع، وحمل الآية عليه أولى.

  ويدل قوله: «فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ» على الرخصة لهما، واختلفوا في مدة السفر فقيل: ثلاثة أيام ولياليها عن أهل العراق، وقيل: ستة وأربعين ميلاً عن الشافعي، وقيل: مسيرة يوم، وقيل: مسيرة يومين.

  واختلفوا في صفة المسافر، فقيل: الرخصة ثابتة سواء كان السفر طاعة أو مباحًا، أو معصية، عن أبي حنيفة وأصحابه وعليه الأكثر، وقال الشافعي: لا يثبت