التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {وجعلوا بينه وبين الجنة نسبا ولقد علمت الجنة إنهم لمحضرون 158 سبحان الله عما يصفون 159 إلا عباد الله المخلصين 160 فإنكم وما تعبدون 161 ما أنتم عليه بفاتنين 162 إلا من هو صال الجحيم 163 وما منا إلا له مقام معلوم 164 وإنا لنحن الصافون 165 وإنا لنحن المسبحون 166}

صفحة 5956 - الجزء 8

  · اللغة: الفاتن: الداعي إلى الضلال بتزيينه له، فكل من دعا إلى عبادة غير الله تعالى فهو فاتن؛ لأنه يخرج إلى الهلاك، وأصله: الفتنة، ومنه: فتنت الذهب بالنار، إذا أخرجته إلى حال الخلوص.

  والصالي: اللازم نحو النار، ومنه: الصلاة للزوم الدعاء فيها، والمُصَلِّي الذي يجيء بعد السابق للزومه أثره، وصالي: أصله صائل، قدم اللام على الياء، ثم حذف الياء فصار «صال».

  · الإعراب: «عِبَادَ» نصب على الاستثناء.

  و «لَهُ» كناية عن محذوف، أي: ما منا ملك إلا وله مقام.

  · المعنى: ثم ذكر اللّه تعالى عنهم قبيح أقوالهم، فقال سبحانه: «وَجَعَلُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِنَّةِ نَسَبًا» قيل: جعلوا الملائكة بنات الله، عن مجاهد، وقتادة، وأبي علي. وسمى الملائكة جِنًّا لاستتارهم عن العيون، وقيل: قالوا: لحَيّ من الملائكة يقال لهم: الجن: هم بنات اللَّه، عن ابن عباس. وقيل: قالوا: تزوج إلى الجن فخرج منها الملائكة، عن الكلبي؛ تعالى الله عن ذلك. وقيل: أشركوا الشيطان في عبادة الله فهو النسب الذي جعلوه، عن الحسن. وقيل: أراد به الجن وأنهم جعلوا اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى، عن الحسن. وجعلوهم أنداد الرحمن، عن أبي مسلم. وقيل: لما سئلوا عن أمهاتهم قالوا: سروات الجن، أي: كرامهم. وقيل: الْجِنّة اسم لإبليس، قالوا: الله وإبليس أخوان، فالله يفعل الخير وإبليس يفعل الشر. وقيل:

  قالوا: سروات الجن بنات الرحمن «وَلَقَدْ عَلِمَتِ الْجِنَّةُ إِنَّهُمْ» يعني: قائل هذا القول،