قوله تعالى: {وانطلق الملأ منهم أن امشوا واصبروا على آلهتكم إن هذا لشيء يراد 6 ما سمعنا بهذا في الملة الآخرة إن هذا إلا اختلاق 7 أأنزل عليه الذكر من بيننا بل هم في شك من ذكري بل لما يذوقوا عذاب 8 أم عندهم خزائن رحمة ربك العزيز الوهاب 9 أم لهم ملك السماوات والأرض وما بينهما فليرتقوا في الأسباب 10 جند ما هنالك مهزوم من الأحزاب 11}
  لهم منع الله من مراده في إكرام نبيه وإرساله «فَلْيَرْتَقُوا» يعني: إن ادعوا ذلك «فَلْيَرْتَقُوا» أي: فليصعدوا «فِي الأسبَابِ» قيل: في أبواب السماء وطُرُقِها، عن مجاهد، وقتادة. يعني: مَنْ مَلَكَ شيئًا قَدر على التصرف فيه، وقيل: الأسباب: معارج الملائكة، وقيل: من ظن أنه يقدر على منع الله من مراده فليصعد السماء، فإن عجز عنه فهو عن منعه أعجز، وقيل: الأسباب: الطرق، وقيل: الحيل، أي: ليحتال في سبب يصل به إلى السماوات، فيأتي بالوحي إلى من يختارون، وقيل: فليصعد السماء محاربًا، والمعنى: إذا عجزوا عن جميع هذا فليعلموا أنهم مملوكون ينبغي أن يؤمنوا بِاللَّهِ ورسوله «جُنْدٌ مَا هُنَالِكَ مَهْزُومٌ مِنَ الْأَحْزَابِ» أي: هم جند هنالك مغلوب مدفوع «مِنَ الأَحْزَابِ» أي: من جملة الأجناد، اختلفوا في معناه، فقيل: هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يقولون هذا القوَل جند مهزومون، وأنت عليهم مظفر منصور غالب، قال قتادة: وعد الله نبيه أنه سيهزمهم فجاء كما وعد «مِنَ الأحزَابِ» أي: كالقرون الماضية الَّذِينَ قهروا وأهلكوا، وقيل: «مِنَ الأحزَابِ» من حزب إبليس، وقيل: مَنْ أراد مِنَ الأحزاب منع النبي ÷ وتكذببه بأن يجند عليه فذلك جند مهزوم، وقيل: فليرتقوا إلى السماء محاربين، فهناك جند لا ينهزم وهَؤُلَاءِ ينهزمون، وقيل: الأحزاب الَّذِينَ اجتمعوا عليه يوم الخندق، عن أبي علي.
  · الأحكام: تدل الآيات على عظيم فعل من يضل غيره بالشبهات، وعلى فساد التقليد، ووجوب النظر؛ لذلك ذمهم لقولهم، ولهذا قلنا بعظم وزر المبتدعة الَّذِينَ يضلون الناس.