التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {كذبت قبلهم قوم نوح وعاد وفرعون ذو الأوتاد 12 وثمود وقوم لوط وأصحاب الأيكة أولئك الأحزاب 13 إن كل إلا كذب الرسل فحق عقاب 14 وما ينظر هؤلاء إلا صيحة واحدة ما لها من فواق 15 وقالوا ربنا عجل لنا قطنا قبل يوم الحساب 16}

صفحة 5977 - الجزء 8

  يرجع اللبن إلى الضرع بين الحلبتين، وأفاق من مرضه وغَشْيَتِهِ: إذا رجعت الصحة إليه، وقيل: الإفاقة: الراحة، والفواق: بين الحلبتين، وأفاق المريض: استراح.

  والقِطُّ: النصيب، عن الفراء، وأصل القِطّ: الكتاب يكتب الإنسان فيه شيء يصل إليه، عن الكسائي، واشتقاقه من القَطِّ، وهو القطع، وكذلك النصيب هو القطعة من الشيء، قال أبو عبيد: القطّ: الحساب، وفي حديث ابن عمر وابن زيد: (كانا لا يَرَيَانِ بِبَيْعِ القطوط بأسًا إذا خرجت)، والفقهاء لا يجيزونه وهي الجوائز والأرزاق، سميت قطوطًا؛ لأنها تخرج مكتوبة في رقاع، يقال: قَطَّهُ يَقُطُّه قَطًّا، مثل: قدّه يقدّه قدًّا، ومنه: ما رأيته قط، أي: في قِطَعِ الدهر الَّذِين مضى.

  · النزول: عن أبي العالية والكلبي قالا: لما نزل قوله في سورة (الحاقة): {فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ}⁣[الحاقة: ١٩] أو {بِشِمَالِهِ}⁣[الحاقة: ٢٥] قالوا استهزاءً: عجل لنا قطنا، فنزلت هذه الآيات.

  وعن عطاء: قال النضر بن الحارث وهو القائل: إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء، قال عطاء: نزلت فيه بضع عشرة آية.

  وقيل: طلبوا ذلك ليعلموا أنهم من أصحاب اليمين أو من أهل الشمال.

  · النظم: يقال: كيف يتصل قوله: {كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ} بما قبله؟

  قلنا: فيه تسلية للنبي ÷، يعني: إن كذبك هَؤُلَاءِ فقد كذبت قبلهم أمم.

  وقيل: بل يتصل بقوله: {كَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَبْلِهِمْ}، ثم فصل ذلك وبين أن تلك الأمم مع قوتهم وعدتهم لَمَّا كذبوا الرسل أهلكناهم، ولم ينفعهم ذلك، فكيف هم مع ضعفهم؟!