التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {كذبت قبلهم قوم نوح وعاد وفرعون ذو الأوتاد 12 وثمود وقوم لوط وأصحاب الأيكة أولئك الأحزاب 13 إن كل إلا كذب الرسل فحق عقاب 14 وما ينظر هؤلاء إلا صيحة واحدة ما لها من فواق 15 وقالوا ربنا عجل لنا قطنا قبل يوم الحساب 16}

صفحة 5978 - الجزء 8

  · المعنى: «كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ» أي: قبل هَؤُلَاءِ الكفار «قَوْمُ نُوحٍ وَعَادٌ» هم قوم هود «وَفِرْعَوْنُ ذُو الأوتَادِ» كذبوا موسى وهارون، وسمي ذو الأوتاد قيل: كانت له ملاعب من أوتاد يلعب عليها لهم، عن ابن عباس، وقتادة، وعطاء. وقيل: كان يعذب الناس بالأوتاد، عن السدي، والربيع بن أنس، ومقاتل، والكلبي. وقيل: ذو البنيان، والبنيان الأوتاد، عن الضحاك. وقيل: ثابت الأمر، الشديد أركان الملك، عن [القتبي]، وأبي علي، وأبي مسلم. والعرب تقول: في عز ثابت الأوتاد، يعني: دائم شديد، وأصله: أن بيوتهم تثبت بأوتاد، وقال الأسود بن يعفر:

  في ظِل مَلِكٍ ثَابِتِ الْأوتَادِ

  وقيل: كان كثير الأوتاد لخيم جيوشه التي تسير في الْأَرْضِ، فلكثرتها سمي بذلك، حكاه أبو علي.

  واختلفوا في كيفية تعذيبه بالأوتاد، فقيل: كان يشد بالأوتاد إلى السواري في الهواء ويتركه حتى يموت، عن مقاتل، والكلبي.

  وقيل: كان يمد الرَّجُل، الرَّجُل مستلقيًا على الأرض، ثم يشده على الأرض بالأوتاد، عن مقاتل بن حيان.

  وقيل: كان يمد الرجل، ويشده بالأوتاد، ويرسل عليه الحيات والعقارب، عن السدي.

  «وَثَمُودُ» يعني قوم صالح كذبوا صالحًا «وَقَوْمُ لُوطٍ وَأَصْحَابُ الأيكَةِ» هم قوم شعيب كذبوا شعيبًا «أُوْلَئِكَ الأحزَابُ» أي: هم القوم مع القوة والشدة، والعرب تبالغ في وصف الشيء وتقول: هو هو، وهم هم، وهو الرجل كل الرجل، قال الشاعر: