التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {وهل أتاك نبأ الخصم إذ تسوروا المحراب 21 إذ دخلوا على داوود ففزع منهم قالوا لا تخف خصمان بغى بعضنا على بعض فاحكم بيننا بالحق ولا تشطط واهدنا إلى سواء الصراط 22 إن هذا أخي له تسع وتسعون نعجة ولي نعجة واحدة فقال أكفلنيها وعزني في الخطاب 23 قال لقد ظلمك بسؤال نعجتك إلى نعاجه وإن كثيرا من الخلطاء ليبغي بعضهم على بعض إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وقليل ما هم وظن داوود أنما فتناه فاستغفر ربه وخر راكعا وأناب 24 فغفرنا له ذلك وإن له عندنا لزلفى وحسن مآب 25}

صفحة 5986 - الجزء 8

  تسع وتسعون امرأة، وطلب امرأة أخرى. وقيل: كانت امرأته أراد أن ينزل عنها ليتزوجها. وقيل: لم يكن عنده تسع وتسعون، وإنما هو مَثَلٌ، عن الحسن. «فَقَالَ أَكْفِلْنِيهَا» قيل: انزلْ لي عنها، عن ابن مسعود، وابن عباس، ومجاهد. يعني: تحول عنها حتى تصير في نصيبي، وقيل: ضمها إلى جنبي أكفلها، عن أبي العالية. وقيل: اجعلها كفلي، أي: نصيبي، وقيل: ضمها، عن ابن كيسان. وقيل: أكفل مرتي مفعول و (ها) المفعول الثاني وتقديره: أَعْطِ إياي النعجة. «وَعَزَّنِي فِي الْخِطَابِ» قيل: دافعني عن خطبة هذه المرأة، عن أبي علي. وقيل: غلبني، وقيل: قهرني، عن ابن زيد، والضحاك، يقول: إن تكلم كان أفصح مني، وإن حارب كان أبطش مني. «قَالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ» أيها المدعي «بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ» تقديره: بسؤاله نعجتك، فحذف الهاء تخفيفًا، وفي الكلام ما يدل عليه، ونحوه: {لَا يَسْأَمُ الْإِنْسَانُ مِنْ دُعَاءِ الْخَيْرِ}⁣[فصلت: ٤٩] أي: دعائه الخير، وقيل: فيه محذوف، أي: إن كان الأمر كما قلت وذكرت وقد ظلمك، وقيل: بل لما سمع الدعوى استعجل وقال: {لَقَدْ ظَلَمَكَ}، وكان ينبغي ألا يحكم بالظلم على خصمه إلا بعد سماع كلامه، فهذا كان ذنبه، عن أبي مسلم. وقيل: بل معنى الآية أنه اعترف له صاحبه، فعند ذلك قال: {لَقَدْ ظَلَمَكَ}، إلا أنه حذف الاعتراف لدلالة الكلام عليه، كما يقال: أمرتك بالتجارة، فاكتسبت الأموال، أي: فاتجرت، يدل عليه ما روي عن السدي قال: لما ادعى هذا قال داوود للآخر: ما تقول؟ قال: هو كذلك، فقال: إذًا لا ندعك، فقال: يا داود أنت أحق بهذا، لك تسع وتسعون امرأة، ولأوريا امرأة، فرُمْتَهَا، فنظر اود فلم ير شيئًا، فعلم أنهما ملَكان، «وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْخُلَطَاءِ لَيَبْغِي» يعني: من الشركاء يطلب الزيادة