قوله تعالى: {وهل أتاك نبأ الخصم إذ تسوروا المحراب 21 إذ دخلوا على داوود ففزع منهم قالوا لا تخف خصمان بغى بعضنا على بعض فاحكم بيننا بالحق ولا تشطط واهدنا إلى سواء الصراط 22 إن هذا أخي له تسع وتسعون نعجة ولي نعجة واحدة فقال أكفلنيها وعزني في الخطاب 23 قال لقد ظلمك بسؤال نعجتك إلى نعاجه وإن كثيرا من الخلطاء ليبغي بعضهم على بعض إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وقليل ما هم وظن داوود أنما فتناه فاستغفر ربه وخر راكعا وأناب 24 فغفرنا له ذلك وإن له عندنا لزلفى وحسن مآب 25}
  وعن وهب: لما تاب الله عليه بكى على خطيئته ثلاثين سنة، لا تَرْقَأُ له دمعة. وقيل: بقي أربعين سنة كذلك، وقيل: كان لا يأكل ولا يشرب أيامًا يتضرع، وقيل: أصاب الخطيئة، وهو ابن سبعين سنة، وقيل: ما شرب شرابًا بعد المغفرة إلا ممزوجًا بدمع عينيه.
  وروي عن النبي ÷ قال: «خد الدموع في وجه داود خديد الماء في الأرض».
  وعن ابن عمر أن النبي ÷ قال: «كان الناس يعودون داود يظنون به مرضًا وما به مرض، ما به إلا الحياء وخوف الله تعالى».
  وعن الحسن: أن داود بعدما أصاب الخطيئة كان يصوم الدهر، ويقوم الليل كله، ويقول: أنا داود الخاطئ.
  · الأحكام: ظاهر الآية يدل على مواقعة ذنب، وتؤيده الروايات، والصحيح في ذلك ما ذكره شيخنا أبو علي أنه خطب على خِطْبَةِ أوريا، وقد ورد النهي عن ذلك في شريعتنا، فقال ÷: «لا يسومن الرجل على سوم أخيه، ولا يخطبن على خِطبة أخيه»، ومن الفقهاء من لا يجوز البيع في ذلك، وهو مذهب الهادي #، والصحيح أنه كان صغيرًا؛ لأن الكبائر لا تجوز على الأنبياء.
  ومتى قيل: هل علم بخطبة أوريا؟
  قلنا: لعله لم يتفحص، أو لعل الخِطبة كان تكره ولا تحرم على ما هو عند أكثر الفقهاء الآن، وكان مكن من ذلك فترك الاستدلال، ولولا النقل المستفيض وإجماع أهل التفسير لكان الأليق بالظاهر ما حكيناه عن أبي مسلم وهو الظاهر، ولا مانع منه، ولأنه يجوز أن يقال للحاكم: اقض بيننا بالحق، والصحيح أنهما قالا لِكونهما