قوله تعالى: {واذكر عبدنا أيوب إذ نادى ربه أني مسني الشيطان بنصب وعذاب 41 اركض برجلك هذا مغتسل بارد وشراب 42 ووهبنا له أهله ومثلهم معهم رحمة منا وذكرى لأولي الألباب 43 وخذ بيدك ضغثا فاضرب به ولا تحنث إنا وجدناه صابرا نعم العبد إنه أواب 44}
  فأما ما روي أنها باعت ذؤابتها، وأنفقت الثمن، فمما يبعد، وإن كان عند الضرورة جائز، وفي حال الرفاهية لو ورد به الشرع جاز أيضًا.
  واختلفوا في سبب الجلْد، فقيل: أساءت عشرتها ضجرًا لطول مرضه، فحلف بضربها مائة.
  واختلفوا إذا حلف يضرب فلانًا فضربه بجمع خشب، هل يَبَرُّ أم لا؟ فَمَن العلماء من قال: يَبَرُّ؛ اعتبارًا بقصة أيوب، ومنهم من قال: لا يبر؛ إذ ذكر إسماعيل بن إسحاق أن ذلك كان خاصًا لأيوب، قال: ولو جاز مثله في اليمين لجاز في الحدود حتى يضرب الزاني مرة، والقاذف دفعة، فأما عند جماعة من الفقهاء يصير بارّاً؛ لأنه في الحقيقة ضارب بالجميع، فلا فصل بين المفترق والمجتمع.
  فأما من لا يقول بشريعة من تقدم يقول: هذا حكم شريعته، ولا يدل على حكم شريعتنا.
  وتدل أن للزوج أن يؤدب امرأته.
  وتدل على وجوب الصبر، وحسنه.
  وتدل على بطلان قول من يقول: إن الأمراض عقوبات؛ لأنه لو كان كذلك لما ابتلى به الأنبياء، ولما وجب الصبر.
  ومتى قيل: مع شدة ما ناله كيف شكا الشيطان؟
  قلنا: لعلمه أن ما نزل به من جهة الله تعالى من مصالحه، وما أعد له من الأعواض، وما في الصبر من الثواب والرضا بالقضاء سهل عليه ذلك، فصار ما ناله من الشيطان كأنه أعظم فشكاه.
  وروي أنه نزل البلاء يوم نزل، وفي داره سبعمائة وصيف.