قوله تعالى: {شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان فمن شهد منكم الشهر فليصمه ومن كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم ولعلكم تشكرون 185}
  وتيسير، وتدل على بطلان قولهم أيضًا قوله: «وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ» فبين أنه أراد من الجميع الإكمال، خلاف قول الْمُجْبِرَةِ.
  ويدل عليه قوله: «وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ» أنه أراد من الجميع الشكر، وعندهم أراد الإهمال ممن فعله، والشكر ممن شكره، والكفر ممن كفره.
  وتدل على أن المصالح قد تعلق بالمكان؛ والزمان لذلك أوجب صوم شهر رمضان.
  وأما الأحكام الشرعية: فتدل على أن القرآن أنزل ليلة القدر، ومعلوم أنه لم ينزل في تلك الليلة على الرسول فلم يبق إلا ما بَيَّنَّاه، ولا يقال: إنه خبر عن الماضي؛ لأنه بمنزلة قوله: {وَنَادَى أَصحابُ الْجَنَّةِ} يعني سينادي، ولا يمتنع أن يقول:
  يكون وقعة حنين، فإذا وقعت أنزل على الرسول {وَيَومَ حُنينٍ} وتدل على أن القرآن هدى ودلالة، وتدل على أن القرآن يُفهَمُ معناه، فيبطل قول من يخالف فيه، وقال: لا يُعْرَفُ بظاهره، أو يُرجع إلى إمام؛ لأنه يخرجه من كونه هدى، وتدل على وجوب صوم الشهر، ولا خلاف أن من شهد جميع الشهر وهو مكلف لزمه الصوم، واتفقوا أن الصبي إذا أدرك والكافر إذا أسلم يلزمه ما بقي، ولا يلزمه ما مضى، واختلفوا في المجنون إذا أفاق في بعض الشهر فعند أبي حنيفة يلزمه صوم الجميع، وقال الشافعي: لا يلزم إلا ما بقي، واختلفوا في الشهر فالفقهاء كلهم على أنه يعتبر رؤية الأهلة، أو يكون بالعدد ثلاثين يومًا، فأما الذي تزعمه الباطنية من الحساب وغيره، فذاك خلاف الإجماع، وما علم من دينه ضرورة، وكل من قال بذلك كَفَرَ، واختلفوا فيما يثبت به الرؤية ففي الصوم بشهادة رجل واحد، وفي الفطر