التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان فمن شهد منكم الشهر فليصمه ومن كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم ولعلكم تشكرون 185}

صفحة 768 - الجزء 1

  أموركم «وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ» أي التضييق عليكم «وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ» يعني تتموا العدة ما أفطرتم بالقضاء، وقيل: وليكمل المقيم الصحيح والمريض والمسافر على ما أمر؛ لأنه مع الطاقة وعدم العذر يسهل عليه كمال العدة، والمريض والمسافر يتعسر عليه فيكمل في وقت آخر «وَلِتُكَبّرُوا اللَّهَ» قيل: أراد التكبير ليلة الفطر ويوم الفطر، عن ابن عباس وجماعة. وقيل: هو التعظيم له شكرًا لقوله: «عَلَى مَا هَدَاكُمْ» ولأنه لم يُرْوَ تكبير في ذلك الوقت فجمع عليه «وَلَعَلَّكُمْ تَشكُرُونَ» أي لتشكروا اللَّه على نعمه، والشكر قيل: هو تعظيم النعم بالثناء باللسان والتعظيم بالقلب. وقيل: العبادات بالجوارح، عن أبي مسلم. وقيل: إنه يقع على القول والاعتقاد حقيقة، وفي أفعال الجوارح، وهو مجاز، عن القاضي.

  · الأحكام: في الآية أحكام عقلية، وأحكام شرعية:

  أما العقليات: فتدل على أن الهدى ليس هو نفس الإيمان كما تزعمه الْمُجْبِرَة؛ لأنه تعالى جعل القرآن هدى.

  وتدل على بطلان قول أصحاب المعارف؛ إذ لو كانت ضرورية لما أفاد وصفه بأنه هدى.

  وتدل على بطلان قول الْمُجْبِرَةِ؛ لأنه بين أن في أفعال المكلف ما يريد وهو اليسر، ومنها ما لا يريد، وهو العسر، وهذا خلاف قولهم، فإنهم يزعمون أنه يريد كل عسر بعباده.

  وتدل على بطلان قولهم في تكليف ما لا يطاق ولا يستطاع؛ لأنه إذا كان لا يريد بهم العسر فلأن لا يريد تكليف ما لا يطاق أولى.

  وتدل على بطلان قولهم في خلق الأفعال؛ لأنه أثبت أن لهم فعلاً بتعسير