قوله تعالى: {قال رب فأنظرني إلى يوم يبعثون 79 قال فإنك من المنظرين 80 إلى يوم الوقت المعلوم 81 قال فبعزتك لأغوينهم أجمعين 82 إلا عبادك منهم المخلصين 83 قال فالحق والحق أقول 84 لأملأن جهنم منك وممن تبعك منهم أجمعين 85 قل ما أسألكم عليه من أجر وما أنا من المتكلفين 86 إن هو إلا ذكر للعالمين 87 ولتعلمن نبأه بعد حين 88}
  والإغواء: الدعاء إلى الغى بالتزيين والوسوسة، وأصله: الخيبة، والمغوي يدعو إلى ما فيه الخيبة في العاقبة، أغواه إغواءً.
  والتكلف: توسع في طلب الأمر، وهو صفة نقصٍ.
  · المعنى: ثم بَيَّنَ تعالى ما قال إبليس وما أجيب به، فقال سبحانه: «قَالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي» أي: أمهلني وأخرني ولا تهلكني، وإنما قال ذلك لما أحس بالعقاب والهوان.
  ومتى قيل: ما غرضه بهذا التأخير؟
  قلنا: أيس من رحمته فلم يكن شيء يسأله ويتمناه إلا هذا. وقيل: كان غرضه التشفي من بني آدم بالإغواء. وقيل: تأخير العقوبة. وقيل: شهوة البقاء، كما لأهل الدنيا من الظلمة وغيرهم.
  «إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ» قيل: يوم القيامة يبعث الخلق «قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنظَرِينَ» المؤخرين «إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ» قيل: هو يوم القيامة، عن جماعة منهم أبو علي، وأبو مسلم؛ ولذلك قال: {يَابَنِي آدَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ}[الأعراف: ٢٧] فهو خطاب لبني آدم إلى يوم القيامة، وقيل: أنظره إلى الوقت الذي علمه الله تعالى أنه يفنيه إليه، وليس هو يوم القيامة.
  ومتى قيل: هل أجيب دعاؤه؟
  قلنا: قيل: لا، وكان منظرًا، عن أبي علي. وقيل: بل استصلاحًا، عن أبي بكر أحمد بن علي. وهو منبئ عن إجابة دعاء الكفار والفساق.
  «قَالَ فَبِعِزَّتِكَ» أقسم بِاللَّهِ «لَأُغْوِيَنَّهُمْ» يعني: بني آدم كلهم «أَجْمَعِينَ» تأكيدًا «إِلَّا