قوله تعالى: {قال رب فأنظرني إلى يوم يبعثون 79 قال فإنك من المنظرين 80 إلى يوم الوقت المعلوم 81 قال فبعزتك لأغوينهم أجمعين 82 إلا عبادك منهم المخلصين 83 قال فالحق والحق أقول 84 لأملأن جهنم منك وممن تبعك منهم أجمعين 85 قل ما أسألكم عليه من أجر وما أنا من المتكلفين 86 إن هو إلا ذكر للعالمين 87 ولتعلمن نبأه بعد حين 88}
  فأما من يقول: أَنْظَرَهُ جزاء على أعماله، فلا يصح؛ لأن تلك الطاعات أبطلها بالكفر، وعلى أنه ينبغي أن المرتد يكون أطول عمرًا، وهذا فاسد.
  فأما ما تقوله الْمُجْبِرَة: إنه أنظره ليغوي، فلا يصح؛ لأنه قبيح، وبعد فإن من مذهبهم أن الغواية خَلْقُ الله، فسواء كان إبليسُ أو لم يكن.
  ومتى قيل: لولا التبقية ما أمكنه الوسوسة؟
  قلنا: إنما بقاه للتكليف، ومكنه بالقدرة والآلات ليعمل بالطاعات، فهو في عصيانه بمنزلة سائر الكفار، والتمكين لا يصح إلا من الأمرين جميعًا، وذلك لا يقتضي أنه يريد المعصية، كما أن الشهادة لا تصح إلا بعد الإنكار، ولا يقتضي أن يكون القاضي مريدًا للإنكار.
  وتدل على أن جهنم تمتلئ بالجن والإنس زيادة عقوبة، وخلوها لا فائدة فيه، قال الحسن: لو كان في النار واحد لامتلأت منه، ولا كذلك الجنة؛ لأن سعة المكان زيادة في سرورهم ونعيمهم.
  وتدل أن النبي لا يسأل أحدًا؛ لأنه يؤدي إلى التنفير، فمن هذا الوجه تدل على أنه ينبغي أن يخلو عن كل منفر.
  وتدل أن جميع ما يقوله ويفعله من جهة الله تعالى؛ لذلك قال: {وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ}.