التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {تنزيل الكتاب من الله العزيز الحكيم 1 إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق فاعبد الله مخلصا له الدين 2 ألا لله الدين الخالص والذين اتخذوا من دونه أولياء ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى إن الله يحكم بينهم في ما هم فيه يختلفون إن الله لا يهدي من هو كاذب كفار 3 لو أراد الله أن يتخذ ولدا لاصطفى مما يخلق ما يشاء سبحانه هو الله الواحد القهار 4 خلق السماوات والأرض بالحق يكور الليل على النهار ويكور النهار على الليل وسخر الشمس والقمر كل يجري لأجل مسمى ألا هو العزيز الغفار 5}

صفحة 6034 - الجزء 8

  · اللغة: التنزيل والإنزال بمعنى، يقال: نَزَّلَهُ تنزيلاً، وأنزله إنزالًا.

  والإيلاج: الإدخال، أولج يولج إيلاجًا.

  والتكوير: اللفّ، ومنه: كَوْرُ العمامة.

  والأجل: الوقت.

  · الإعراب: {تَنْزِيلُ} رفع، قيل: لأنه خبر ابتداء محذوف، أي: هذا تنزيل، وقيل: فيه تقديم وتأخير، ورفعه ب (من) أي: من الله العزيز تنزيل الكتاب، وقيل: هو ابتداء، وخبره فيما بعده، وهو: {مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ}.

  «الدِّينَ» نصب بتقدير: أخلصوا له الدين، قال الفراء: ويجوز فيه الرفع، قال الزجاج: لا يجوز لأنه يصير ما بعده تكريرًا.

  «مُخْلِصًا» نصب على الحال، أي: في حال الإخلاص.

  · المعنى: «تَنْزِيلُ الْكِتَابِ» أي: هذا القرآن المنزل تنزيل «مِنَ اللَّهِ» أنزله هو، فاعملوا به «الْعَزِيزِ» القادر الذي لا يمتنع عليه شيء، وإنما ذكر اسم العزيز هاهنا قيل: لأن إنزاله صَدَرَ من عزيز أنزله وحفظه حتى يصل إليك من غير تغير لتكون الحجة لك، قيل: عزيز قادر على الانتقام ممن يخالفه «الْحَكِيمِ» قيل: الذي أحكمه؛ لأنه يحكم أقواله وأفعاله، وقيل: معناه: العليم، أي: أنزله وهو عليم يُنْزِل على ما تقتضيه الحكمة «إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيكَ» يا محمد «الْكِتَابَ» القرآن «بِالْحَقِّ» قيل: بالدين الحق، وقيل: جميع ما فيه حق من الأخبار والأوامر، والوعد والوعيد، فاعبدوا الله وحده، كما أمرتم في هذا