قوله تعالى: {تنزيل الكتاب من الله العزيز الحكيم 1 إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق فاعبد الله مخلصا له الدين 2 ألا لله الدين الخالص والذين اتخذوا من دونه أولياء ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى إن الله يحكم بينهم في ما هم فيه يختلفون إن الله لا يهدي من هو كاذب كفار 3 لو أراد الله أن يتخذ ولدا لاصطفى مما يخلق ما يشاء سبحانه هو الله الواحد القهار 4 خلق السماوات والأرض بالحق يكور الليل على النهار ويكور النهار على الليل وسخر الشمس والقمر كل يجري لأجل مسمى ألا هو العزيز الغفار 5}
  عن الأولاد والأنداد؛ لأن ذلك علامة الحاجة والحدث وكونه جسمًا كسائر الأجسام، وهو واحد ليس كمثله شيء «هُوَ اللَّهُ الْوَاحِدُ» في الإلهية وفي استحقاق القدم والصفات الأزلية «الْقَهَّارُ» القادر على قهر ما يشاء، ومثله لا يجوز عليه الولد.
  ثم نبه على كمال قدرته، فقال سبحانه: «خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ بِالْحَقِّ» قيل: بالحق لإقامة الحق وعبادة الله والدلالة على وحدانيته «يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ» أي: يلف هذا علي ذاك وذاك على هذا، وقيل: يدخل أحدهما في الآخر بالزيادة والنقصان، فما يزيد في أحدهما يَنْقُصُ من الآخر، عن الحسن وجماعة، ومنتهى النقصان تسع ساعات، ومنتهى الزيادة خمس عشرة ساعة، وقيل:
  يأتي أحدهما خلف الآخر «وَسَخَّرَ» أي: ذلل بأن يجريه كما يشاء «الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى» أي: إلى أجل مسمى، قيل: هو قيام الساعة، فإنهما يجريان إلى ذلك الوقت، عن أبي علي، وأبي مسلم. وقيل: هو المطلع والمغرب لكل واحد وقت معلوم في الشتاء والصيف «أَلاَ هُوَ الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ» مع قدرته على أخذكم لا يؤاخذكم ويغفر لكم إذا تبتم.
  · الأحكام: يدل قوله: {تَنْزِيلُ} أن القرآن محدث لاستحالة الإنزال على القديم.
  ويدل قوله: {مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ} أن القرآن لا يُغَيَّرُ ولا يبدل؛ لأنه يحفظه، فيبطل قول الإمامية.
  ويدل قوله: {بِالحَقِّ} أن جميع ما فيه والعمل به حق.
  وتدل أنه أنزله ليعمل به، خلاف ما تقوله الْمُجْبِرَة؛ لأنه لو أراد بإنزال القرآن أن يعمل أكثر الناس بالباطل - على ما يزعمون - لكان إنزاله بالباطل لا بالحق، عن أبي علي.