التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون 186}

صفحة 771 - الجزء 1

  · اللغة: أجاب واستجاب بمعنى، وأصله من الجَوْب، وهو القطع، ومنه: {جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِ ٩}.

  فكأن السائل متوقف فإذا أجيب قطَع بما أجيب.

  والرشد نقيض الغي، والرشد إصابة الخير، ومنه: {رَجُلٌ رشِيدٌ}.

  · الإعراب: اللام في قوله: «فَلْيَسْتَجِيبُوا» لام الأمر، ولا بد منها في الغائب، فأما في الحاضر فيجوز حذفها وإثباتها نحو: «قم، ولتقم»، وأصلها الكسر، ويجوز فيها السكون إذا اتصلت بحرف واحد.

  · النزول: روي أن سائلاً سأل النبي ÷: أقريب وبنا فنناجيه أم بعيد فنناديه؟ فنزلت الآية، عن الضحاك.

  وقيل: سأل بعضهم: أين ربنا؟ فنزلت الآية، عن الحسن.

  وقيل: نزلت جوابًا لقوم سألوا: كيف ندعوه؟، عن قتادة.

  وقيل: إن اليهود قالوا: يا محمد، كيف يسمع ربك دعاءنا؟ فنزلت الآية، عن ابن عباس.

  · المعنى: ثم عقب ذكر الصوم بما يلزم من الدعاء، فقال تعالى: «وِإذَا سَأَلَكَ عبادي عَنِّي» يحتمل عن المكان، ويحتمل كيف ندعوه، ويحتمل عن كيف التوصل إلى رحمته على حسب ما روي في سبب النزول، وعلى حسب اختلافهم في السؤال اختلفوا في الجواب، فمنهم من قال: الجواب في قوله: «فَإِنّي قَرِيبٌ» ومنهم من قال: الجواب في قوله: «أجيب» والأقرب أن يكون السؤال عن صفته لا عن فعله لقوله: «عَنّي فَإِنِّي قَرِيبٌ» فيه إضمار، أي فقل: إني قريب يدل بذلك أنه لا مكان له؛ إذ لو كان له