التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون 186}

صفحة 772 - الجزء 1

  مكان لم يكن قريبًا من كل من يناجيه. وقيل: قريب الإجابة، أي سريعها. وقيل: قريب السماع يسمع دعاءهم كسماع القريب. وقيل: قريب بالعلم والقدرة «أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِي إِذَا دَعَانِ» يعني: أجيب دعاء من دعاني، وهذا وإن كان دعوة الداعي ظاهره على القطع.

  وللدعاء شروط حتى يجاب:

  فمنهما: معرفة الداعي بربه ليصح أن يوجه الدعاء إليه.

  ومنها: أن يعرف حسن ما يدعو، وما لا يحسن.

  وثالثها: أن يعرف الوجه الذي يحسن عليه الطلب، والدعاء إليه، فإذا دعا بشرائط الدعاء، وعلم تعالى أن إجابته مصلحة أجاب، وإن كانت المصلحة في التأخير أخر الإجابة، ولا يجوز أن تقف مصالح العباد على اختيارهم وسؤالهم.

  ومتى قيل: فما معنى الدعاء؟

  فجوابنا أنه يكون تعبدًا، ولأنه يجوز أن تكون المصلحة في فعله عند مسألتهم، ولولا سؤالهم لم يكن فعله مصلحة.

  ثم بَيَّنَ تعالى كيف ينبغي أن تكون صفة الداعي حتى يستجاب له، فقال: «فَلْيَسْتَجِيبُوا» يعني فلينقادوا لي فيما أمرتهم به ونهيتهم عنه؛ لأن استجبته واستجبت له بمعنى أجبته «وَلْيُؤْمنُوا بِي» أي ليصدقوا بجميع ما أنزلته «لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ» أي لكي يرشدوا، وليس هو على الشك، وقيل: افعلوا ذلك متعرضين للرشد.

  · الأحكام: الآية تدل على نفي المكان؛ إذ لو كان في جهة لم يكن قريبًا من كل داع فيبطل قول المشبهة.