قوله تعالى: {ألم تر أن الله أنزل من السماء ماء فسلكه ينابيع في الأرض ثم يخرج به زرعا مختلفا ألوانه ثم يهيج فتراه مصفرا ثم يجعله حطاما إن في ذلك لذكرى لأولي الألباب 21 أفمن شرح الله صدره للإسلام فهو على نور من ربه فويل للقاسية قلوبهم من ذكر الله أولئك في ضلال مبين 22 الله نزل أحسن الحديث كتابا متشابها مثاني تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله ذلك هدى الله يهدي به من يشاء ومن يضلل الله فما له من هاد 23 أفمن يتقي بوجهه سوء العذاب يوم القيامة وقيل للظالمين ذوقوا ما كنتم تكسبون 24}
  وثانيها: بالألطاف التي تتجدد على قلبه حالاً بعد حال، كقوله -: {زَادَهُمْ هُدًى}.
  وثالثها: بتوكيد الأدلة، وإلقاء الخواطر، وحل الشُّبَهِ.
  «لِلْإِسْلَامِ» أي: لقبول الإسلام، والثبات عليه «فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ» قيل: على دلالة وهدى من ربه، وشبه الدلالة بالنور؛ لأنه بها يعرف الحق كما بالنور تعرف أمور الدنيا، عن أبي علي. وقيل: النور كتاب الله، فمنه يأخذ، وإليه ينتهي، عن قتادة. وعن ابن مسعود أن رسول الله ÷ [لَمَّا] تلا هذه الآية، قلنا: يا رسول الله، ما انشراح الصدر؟ قال: «إذا دخل النور القلب انشرح وانفتح»، قلنا: فما علامة ذلك؟ قال: «الإنابة إلى دار الخلود، والتجافي عن دار الغرور، والتأهب للموت قبل نزول الموت». «فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ» الويل: تنبيه على الشدائد والمضار، وهو وعيد لمن قسا قلبه، وقسوة القلب تكون بأسباب:
  منها: اعتقاد الجهالات.
  ومنها: حب الدنيا من المال والجاه.
  ومنها: الإعراض عن الحق والدليل.
  ومنها: ازدحام الشُّبَهِ بوساوس الشياطين.
  ومنها: دعوة علماء السوء وشبههم.
  ومنها: الإلف والعادة.
  ومنها: تقليد الآباء، كل ذلك قسوة القلب.
  ومتى قيل: لين القلب وقسوته ما هو؟ وممن؟
  قلنا: أما لين القلب فربما يكون من الله بالألطاف، فيقبل الحق، وينقاد له، وربما يكون من العبد بأن يتفكر في الأدلة والمواعظ، فيلين قلبه. ولينُ القلبِ: قبولُ الحق والإعراضُ عن الباطل. وأما قسوة القلب فتحصل بهذه الأسباب، فيعتاد اعتقاد