التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن الله قل أفرأيتم ما تدعون من دون الله إن أرادني الله بضر هل هن كاشفات ضره أو أرادني برحمة هل هن ممسكات رحمته قل حسبي الله عليه يتوكل المتوكلون 38 قل ياقوم اعملوا على مكانتكم إني عامل فسوف تعلمون 39 من يأتيه عذاب يخزيه ويحل عليه عذاب مقيم 40 إنا أنزلنا عليك الكتاب للناس بالحق فمن اهتدى فلنفسه ومن ضل فإنما يضل عليها وما أنت عليهم بوكيل 41}

صفحة 6070 - الجزء 8

  · اللغة: الرحمة: النعمة، وجميع ما يفعله تعالى من النعم رحمة منه.

  والمكانة: مصدر قولك: فلان مكين من فلان، وفلان مَكِينٌ بَيِّنُ المكانة.

  · الإعراب: في تأنيث (كاشفات) و (ممسكات) وجهان:

  أحدهما: أن من العرب من كان يزعم أنه يعبد الملائكة، وأنهم بنات الله.

  والثاني: بأن منهم من كان يعبد الأصنام ومن عَبَدَهُمْ من الجن، وهكذا يجمع المؤنث، تقول: امرأة خارجة، ونساء خارجات، عن أبي مسلم.

  · النظم.

  يقال: بِمَ يتصل قوله: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ

  قلنا: فيه وجهان:

  أحدهما: بقوله: {وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِنْ دُونِهِ} فَبَيَّنَ أنه لا ينبغي أن يخوفوا مع اعترافهم بِاللَّهِ، وأنه الخالق.

  وثانيها: لما تقدم ذكر التوحيد وبطلان الشرك دل على ذلك.

  ويقال: ما الذي يقتضي ذكر {إِنَّا أَنْزَلْنَا

  قلنا: بيان أن الواجب العمل به، وبما تضمنه من التوحيد والعدل والشرائع.

  · المعنى: «وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ» الخطاب للنبي ÷، والكناية عن المشركين الَّذِينَ تقدم ذكرهم، أي: ولئن سألت يا محمد هَؤُلَاءِ الكفار «مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأرضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ» فإذا اعترفوا بذلك ف «قُلْ» لهم: «أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ» من دونه إلهًا «إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ» ولفظه استفهام، والمراد الإنكار، أي: لا يقدرون على ذلك، فكيف تعبدونهم؟! وكيف تخوفون بهم، ولا