قوله تعالى: {ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن الله قل أفرأيتم ما تدعون من دون الله إن أرادني الله بضر هل هن كاشفات ضره أو أرادني برحمة هل هن ممسكات رحمته قل حسبي الله عليه يتوكل المتوكلون 38 قل ياقوم اعملوا على مكانتكم إني عامل فسوف تعلمون 39 من يأتيه عذاب يخزيه ويحل عليه عذاب مقيم 40 إنا أنزلنا عليك الكتاب للناس بالحق فمن اهتدى فلنفسه ومن ضل فإنما يضل عليها وما أنت عليهم بوكيل 41}
  تخافون من خَلَق السماوات والأرض ولا تعبدونه، وهو يرجى رحمته، ويخشى عذابه؟! «قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ» فيه حذف، يعني: إذا اعترفوا فقل: حسبي الله إلهًا أعبده، وناصرًا أستنصره و {عَلَيهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكلُونَ}.
  ثم أوعدهم، فقال سبحانه: «قُلْ» يا محمد لهم: «اعْمَلُوا» وليس بِأَمْرٍ، وإنما هو تهديد «عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنِّي عَامِلٌ» وقيل: على تمكنكم، أي: على ما أنتم عليه إن رضيتم بالنار «إِنّي عَامِلٌ» على ما أنا عليه، وقيل: اعملوا على ناحيتكم وشاكلتكم، إني عامل على شاكلتي، عن مجاهد. وقيل: ما أنتم عليه من الاعتقاد، أي: اعملوا على ديانتكم التي تدينون بها أَعْمَل على ديانتي، عن أبي علي. وقيل: اعملوا على ما أنتم عليه من قوتكم، إنا متمكنون في الدنيا حيًّا وميتًا فلا انتقال، الحمد لله على ما عندي من الاشتغال عنها للجزاء، عن أبي مسلم. وقيل: على جهتكم التي اخترتموها وتمكنكم في العمل بها.
  ثم زاد في الوعيد، فقال سبحانه: «فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ» إذا أتاكم عذاب الله مَن المُحِقُّ والمبطل «مَنْ يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ» أي: ستعلمون من يأتيه العذاب منا ومنكم «وَ» من «يَحِلُّ عَلَيهِ عَذَابٌ مُقِيمٌ» دائم يوم الجزاء، والعذاب الأول في الدنيا، والثاني في الآخرة.
  ثم بيّن أن ما يتلى من هذه الآيات حق وصدق، فقال سبحانه: «إِنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيكَ الْكِتَابَ» يعني: القرآن «لِلنَّاسِ» لمنافعهم في دينهم «بِالْحَقِّ» أي: تبيين، وجعل الحق صفة للكتاب لفوائد:
  منها: وجوب الإبلاغ.
  ومنها: وجوب الاتباع.