التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {أن تقول نفس ياحسرتا على ما فرطت في جنب الله وإن كنت لمن الساخرين 56 أو تقول لو أن الله هداني لكنت من المتقين 57 أو تقول حين ترى العذاب لو أن لي كرة فأكون من المحسنين 58 بلى قد جاءتك آياتي فكذبت بها واستكبرت وكنت من الكافرين 59 ويوم القيامة ترى الذين كذبوا على الله وجوههم مسودة أليس في جهنم مثوى للمتكبرين 60 وينجي الله الذين اتقوا بمفازتهم لا يمسهم السوء ولا هم يحزنون 61}

صفحة 6084 - الجزء 8

  علم أن الحسرة لا تُدْعَى، ودعاؤها تنبيه للمخاطبين، كأنه يقول: يا حسرتاي أجيبي فهذا وقتك، وأصل الباب: هو الانقطاع، يقال: حَسَرَتِ الناقة أي: انقطع سيرها كلالاً، ومنه: {خَاسِئًا وَهُوَ حَسِيرٌ}⁣[الملك: ٤] أي: منقطع، فكأن النادم تَحَسَّرَ كما تَحَسَّرَ الذي لا تقوم به دابته في السفر البعيد.

  والتفريط والتقصير من النظائر، فَرَّطَ [فُرُوطا]، إذا أهمل، ولم يأخذ بالحزم، وفرط تفريطًا بالتخفيف: إذا تقدم، ومنه: «فرطكم على الحوض»، وفَرَّطَ تَفْرِيطًا بالتشديد: إذا ضيع، أَفْرَط يُفْرِطُ: إذا جاوز الحد، وأفرطته: قدمته.

  والجَنْبُ: عضو من أعضاء الإنسان معروف، جُنِبَ جنبًا: إذا اشتكى جَنْبَهُ، وجُنِبَ فهو مجنوب: أخذه ذات الجنب، كصُدِرَ فهو مصدرر. والجنْبَةُ: الناحية، من ذلك أخذ، ومنه: «وعلى جنبي الصراط داع» أي: جنبيه، والجَنَاب: الجانب، وجمعه: أَجْنِبةٌ، قال الفراء: والجنب أيضًا: معظم الشيء وأكثره، يقال: هذا قليل في جنب مودتك، والجَنْبُ: الأمر، يقال: ما فعلت في جنب حاجتي، قال كُثَيّر:

  أَمَا تَتَّقِيْنَ اللَّهَ في جَنْبِ عاشِقٍ ... له كَبِدٌ حَرَّى عليكِ تَقَطَّعُ

  ومنه: جَنَبْتُهُ: أبعدته، أي: فعلته في جانب، ومثله الجنابة؛ لأنها البعد.

  والسخرية: الهزء.

  ويقال لما كان موضع هلاك: المنجاة، ومنه: المفازة، سميت بذلك تفاؤلاً، وأصله: الفوز، وهو المنجاة.

  · الإعراب: في نصب: «فَأَكُونَ» وجهان: