قوله تعالى: {أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم هن لباس لكم وأنتم لباس لهن علم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم فتاب عليكم وعفا عنكم فالآن باشروهن وابتغوا ما كتب الله لكم وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ثم أتموا الصيام إلى الليل ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد تلك حدود الله فلا تقربوها كذلك يبين الله آياته للناس لعلهم يتقون 187}
  · الإعراب: (من) في قوله تعالى: «مِنَ الْفَجْرِ» قيل: للتبعيض؛ لأن المعتبر بعض الفجر لا كله، وقيل: للتبيين، كأنه قيل: الخيط الأبيض الذي هو الفجر.
  · النزول: كان في الصوم الأول يحل الطعام والشراب ما لم يرقدوا، أو يصلوا العشاء، فإذا فعل أحدهما حرم عليه إلى الليلة الثانية، فجاء رجل من الأنصار إلى رسول اللَّه ÷ واختلفوا في اسمه، فقيل: أبو صِرْمَة، عن معاذ. وقيل: قيس بن صرمة، عن البراء.
  وقيل: أبو قيس ابن صرمة، عن السدي وعكرمة. وقيل: صرمة بن شاس، عن مقاتل. وقيل: أبو قيس صرمة، عن الكلبي. وقيل: صرمة بن أنس. فقال: عملت في النخل نهاري أجمع حتى أمسيت، فأتيت أهلي لتطعمني فأبطأت فنمت فأيقظتني، وقد حرمت عليّ الأكل، وقد أمسيت، وقد جهدني الصوم، فقال عمر: يا رسول اللَّه، أعتذر إليك من مثله، رجعت إلى أهلي بعدما صليت العشاء، فأتيت امرأتي، وقام رجال فاعترفوا بالذي سمعوا، فنزلت الآية، عن ابن عباس والسدي.
  · المعنى: لما بَيَّنَ تعالى الصوم بين وقته، فقال تعالى: «أُحِلَّ لَكُمْ» وهذا يقتضي تحريمًا متقدمًا أزاله عنهم، ويحتمل أن ذلك التحريم كان في شريعة من قبلنا، إلا أن المفسرين اتفقوا أن التحريم كان في ابتداء الإسلام ثم نسخ، غير أبي مسلم فحمله على تحريم ذلك في النصارى، وأنه تعالى أحل ذلك للمسلمين، وإنما أوتي في ذلك