التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {الله خالق كل شيء وهو على كل شيء وكيل 62 له مقاليد السماوات والأرض والذين كفروا بآيات الله أولئك هم الخاسرون 63 قل أفغير الله تأمروني أعبد أيها الجاهلون 64 ولقد أوحي إليك وإلى الذين من قبلك لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين 65 بل الله فاعبد وكن من الشاكرين 66}

صفحة 6090 - الجزء 8

  والحبط: البطلان والفساد، وأصله: داء يكون في الجوف تعظم منه البطن.

  · الإعراب: يقال: ما عامل الإعراب في قوله: {أَفَغَيرَ

  قلنا: قوله: {أَعْبُدُ} على وجهين:

  أحدهما: أن يكون {تَأْمُرُونِّي} اعتراضًا فيكون التقدير: أتأمروني أعبد غير الله أيها الجاهلون.

  الثاني: على التقديم والتأخير.

  ويقال: ما موضع {أَعْبُدُ} من الإعراب؟

  قلنا: فيه وجهان:

  أحدهما: لا موضع له على الاعتراض بـ {تَأْمُرُونِّي} فيكون على تقدير: أعبد غير الله أيها الجاهلون.

  الثاني: موضعه نصب على الحال إذا لم يكن (تَأْمُرُونِّي) تقديره اعتراضًا، تأمروني عابدًا غير الله، فيخرجه مخرج الحال. وجائز أن يقال: رفع لنزع الحرف الذي ينصب وهو (أن) [وهي أداة] تنصب الأفعال، ولو كان معه (أن) لقيل [أن] أَعْبُدَ غير الله بنصب أعبد، ومثله قول طرفة:

  أَلاَ أَيُّهَذَا الزَّاجِرِي أَحْضَرَ الوَغَى ... وَأَنْ أَشْهَدَ اللَّذَّاتِ هَلْ أنْتَ مُخْلِدِي

  يعني: أن أحضر، فحذف (أن) وجعل الفعل على طريق الحال.

  · النزول: قيل: إن المشركين دعوا رسول الله إلى دين آبائه، فنزل قوله: {قُلْ أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ}.