التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {الله خالق كل شيء وهو على كل شيء وكيل 62 له مقاليد السماوات والأرض والذين كفروا بآيات الله أولئك هم الخاسرون 63 قل أفغير الله تأمروني أعبد أيها الجاهلون 64 ولقد أوحي إليك وإلى الذين من قبلك لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين 65 بل الله فاعبد وكن من الشاكرين 66}

صفحة 6091 - الجزء 8

  · المعنى: ولما تقدم الوعد والوعيد بين أنه القادر على جميع ذلك، وأنه يجازي منْ يجحد ذلك، فقال سبحانه: «اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ» يعني: مُحْدِثُهُ ومبدعه، قيل: هو أن يحدث مقدرًا على حسب إرادته، [و] قيل: هو ما يفعل مخترعًا، وقيل: ما يفعل لا بآلةٍ «وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ» أي: الحافظ والمدبر «لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ» قيل: خزائن، وقيل: مفاتيح، وقيل: عبارة عن النعم؛ لأنها تكون مخزونة، وله مفاتيح فهو يفتح السماء بالمطر والأرض بالنبات، وقيل: المقاليد: جوامع الأمور، وقيل: المقالد: المفاتيح التي بها تفتح بركات السماء والأرض، وهو التوحيد والعدل، والثناء عليه بما هو أهله، وتسبيحه وتهليله، رواه علي # وعثمان عن النبي ÷. {وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ اللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ} خسروا أنفسهم وأموالهم بأن فَوَّتَوا بها الجنة وجميع المنافع «قُلْ» يا محمد لهَؤُلَاءِ الكفار: «أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ أَيُّهَا الْجَاهِلُونَ» يعني: من لا يستحق العبادة وهي الأصنام، ولولا جهلهم لما عبدوها، وقيل: ذكر نفسه وأراد تعظيم عبادة غير الله والمبالغة في الزجر عنه «وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيكَ وَإلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ» من الأنبياء، وقيل: إلى الأمم على لسان الأنبياء «لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ» قيل: ذكر النبي وأراد غيره، وقيل: أراد المبالغة في الزجر عن الشرك، وقيل: هو خطاب له على التقدير ونهي عن شيء لم يقع منه «وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ» منافع نفسه «بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ» لأنه المستحق العبادة «وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ» لنعمه دينًا ودنيا.

  · الأحكام: يدل أول الآيات على عظيم موقع العلم بالله وبرسوله، وأن مَنْ عَلِمَهُ علم أنه المستحق للعبادة.

  وتدل على عظيم حال الجهل في عبادة غير الله.

  وتدل أن القوم كانوا عارفين بِاللَّهِ، فيبطل قول من يقول: المعارف ضرورة.