قوله تعالى: {وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعا قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه سبحانه وتعالى عما يشركون 67 ونفخ في الصور فصعق من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء الله ثم نفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون 68 وأشرقت الأرض بنور ربها ووضع الكتاب وجيء بالنبيين والشهداء وقضي بينهم بالحق وهم لا يظلمون 69 ووفيت كل نفس ما عملت وهو أعلم بما يفعلون 70}
  قيل: صاحب الصور إسرافيل، وقيل: جبريل وميكائيل وإسرافيل وملك الموت، عن السدي في حديث مرفوع، وقيل: هم الشهداء، عن سعيد بن جبير. وقيل: «هم مقلدون أسيافهم حول العرش»، روي مرفوعًا. وقيل: خزان الجنة والنار، عن الضحاك. وقيل: حملة العرش اثنا عشر ملكًا: جبريل وميكائيل وإسرافيل وملك الموت، عن كعب. وقيل: إنه تعالى يفني جميع الأجسام بعد الصعق والموت ثم يعيدها «ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ» أي: في الصور مرة «أُخْرَى فَإِذَا» الخلق «قِيَامٌ يَنْظُرُونَ» من قبورهم يحييهم الله تعالى فقاموا ينظرون إلى ما يرد عليهم، أما المؤمن إلى النعم والمسار، والعاصي إلى أنواع المضار. وقيل: ينظرون نظر تعجب ولا شيء أعجب منه ولا أعظم. «وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا» قيل: أضاءت بنورٍ يخلقه الله؛ لأنه يكور الشمس والقمر، ثم يخلق نورًا أيضًا، وأضاف النور إليه؛ لأنه خلقه كما أضاف الناقة، فيكمل بها سرور المؤمنين؛ إذ يرى في كل وقت من المحاسن ما يسره، والعاصي يلقى ما يغمه. وقيل: النور: العدل، عن الحسن، والسدي؛ يعني: يعمٌّ الأرض والخلق عدله فلا يبقى هناك ظلم، وقيل: إن المراد كثرة رحمته وسعة نعمه، كما يقال: فلان نور هذه البلدة إذا كان منافع أهلها ومحاسنهم منه. وقيل: بحكم ربها، عن الضحاك. «وَوُضِعَ الْكِتَابُ» يعني: صحائف أعمالهم التي كتبها الحفظة، فيؤتى بها وتوضع بين يدي صاحبها «وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاءِ» قيل: الَّذِينَ يشهدون للرسل بالبلاغ، عن ابن عباس. وقيل: الَّذِينَ استشهدوا في الجهاد وطاعة الله تعالى، عن السدي. وقيل: هم الحفظة، يدل عليه قوله: {وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ}[ق: ٢١] وقيل: الشهداء عدول الآخرة يشهدون على الأمم بما شاهدوا، عن أبي علي، وأبي مسلم.
  وهذا كالعادة أن القضاء يكون بمشهد الشهود العدول «وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ» بالثواب للمؤمنين والعقاب للكافِرين والانتصاف للمظلوم من الظالم، فلا يكون في ذلك اليوم ظلم ولا جور «وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ»؛ لأن المطيع لا يبخس حقه، ولا العاصي بعقوبة تزيد على ما يستحقه بعمله «وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ» يعني: بعد القضاء بتفاضل أعمالهم،