قوله تعالى: {وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعا قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه سبحانه وتعالى عما يشركون 67 ونفخ في الصور فصعق من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء الله ثم نفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون 68 وأشرقت الأرض بنور ربها ووضع الكتاب وجيء بالنبيين والشهداء وقضي بينهم بالحق وهم لا يظلمون 69 ووفيت كل نفس ما عملت وهو أعلم بما يفعلون 70}
  قلنا: يعفي ما عظموه حق عظمته، ولا عرفوه حق معرفته، عبدوا معه غيره مع اقتداره على السماوات والأرض، وأن ما عبدوه جماد، ثم اتصل بالوعيد لهم على قولهم.
  · المعنى: ثم بَيَّنَ تعالى حالهم وما ينالهم يوم القيامة، فقال سبحانه: «وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ» أي: ما عظموه حق عظمته ولا عرفوه حق معرفته؛ إذ وصفوه بما لا يجوز عليه، وعبدوا معه غيره، قال الحسن: ما عظموه إذ هو المنعم، ثم هم عبدوا غيره، وقيل: ما وصفوه بما يستحقه بالإلهية «وَالأرضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» يعني: الأرض في مقدوره، فيصرف كيف شاء، كالذي يقبض عليه القابض، وقيل: ملكه يوم القيامة بلا منازع، وهو اليوم ملكه. قال الأخفش: يقال: خراسان في قبض فلان، ليس أنها في كفه، وإنما أرادوا أنه بملكه، وهو متسلط عليه. وقيل: خص يوم القيامة؛ لأنه المالك خاصة، وفي الدنيا قد يملك غيره، وقد يحكم غيره «وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ» قيل: مجموعات مضبوطات مع كثرتها وكثرة من فيها، وقيل: السماوات مضبوطة في ملكه. قيل: مجموعات له في ملكه، عن أبي مسلم. وقيل: مطويات يعني مملكات. ومعنى «بِيَمِينِهِ» قيل: بقدرته، وقيل: بقسمه وبقوته، حلف أنه يطويها ويفنيها، وقيل: هو ملكه كما يقال: ملك يمين «سُبْحَانَهُ» تنزيهًا له وبراءة عما وصفوه به من الشرك.
  «وَنُفِخَ فِي الصُّورِ» قيل: هو قرن ينفخ فيه إسرافيل، وقيل: هما نفختان: نفخة يموتون عندها، ونفخة يَحْيَوْنَ. وقيل: نفختان: نفخة الغشيان يغشى عليهم ثم يموتون، ويفني الله الأجسام ثم يحييهم، عن أبي علي. والحياة والموت مقدور لله تعالى، والنفخة علامة، كما جعلت البوقات والطبول علامة الرحيل، والفائدة تصور العاقل أخذ الأمر، وحديث الحشر. وقيل: الصُّور: جمع صورة، وهو نفخ الروح في الأجسام «فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الأَرْضِ» قيل: مات، وقيل: غشي عليه، ثم يموتون بعد ذلك «إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ» فإنه لا يموت حتى يميته الله بعد ذلك، واختلفوا في المستثنى،