قوله تعالى: {وسيق الذين كفروا إلى جهنم زمرا حتى إذا جاءوها فتحت أبوابها وقال لهم خزنتها ألم يأتكم رسل منكم يتلون عليكم آيات ربكم وينذرونكم لقاء يومكم هذا قالوا بلى ولكن حقت كلمة العذاب على الكافرين 71 قيل ادخلوا أبواب جهنم خالدين فيها فبئس مثوى المتكبرين 72 وسيق الذين اتقوا ربهم إلى الجنة زمرا حتى إذا جاءوها وفتحت أبوابها وقال لهم خزنتها سلام عليكم طبتم فادخلوها خالدين 73 وقالوا الحمد لله الذي صدقنا وعده وأورثنا الأرض نتبوأ من الجنة حيث نشاء فنعم أجر العاملين 74 وترى الملائكة حافين من حول العرش يسبحون بحمد ربهم وقضي بينهم بالحق وقيل الحمد لله رب العالمين 75}
  قلنا: لمقابلة اللفظ باللفظ، كما يقال في العذاب: فبشرهم، والبشارة إنما هي الخبر السار، وقيل: معناه: حشر، فذكر لفظ السَّوْقِ، والمراد ما ذكرنا.
  «اتَّقَوْا رَبَّهُمْ» معاصيه لأجله «إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا» أي: جماعات «حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا» أي: وقد فتحت أبوابها «وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا» عند الاستقبال: «سَلَامٌ عَلَيْكُمْ» أي: سلامة من الله، يحيونهم بالسلامة فيزدادون سرورًا، وقيل: هو الدعاء بالسلامة والخلود، أي: سلمتم من الآفات «طِبْتُمْ» قيل: ذلك تشريف أعمالكم، وقيل: كنتم صالحين طاهرين؛ فلذلك استحققتم، وقيل: طبتم نفسًا بما نلتم من الجنة ونعيمها. وقيل: إذا قربوا من الجنة يَرِدُون على عين من الماء، فيغتسلون بها ويشربون، فيطهر الله أجوافهم، فلا يكون بعد ذلك منهم حَدَثٌ وأذى، ولا يتغير لونهم، فتقول الملائكة: طبتم «فَادْخُلُوهَا» يعني: الجنة «خَالِدِينَ» دائمين «وَقَالُوا» يعني: أهل الجنة: «الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ» يعني: أنجز لنا ما وعدنا على ألسنة الرسل وفي الكتب، نحو قوله: {وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ}[التوبة: ٧٢].
  «وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ» يعني: أرض الجنة، قيل: صارت لنا في آخر الأمر فهو كالميراث، وقيل: ورثوها عن أهل النار «نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيثُ نَشَاءُ» أي: نتخذ متبوأ ومأوى حيث أردنا، أشار إلى كثرة قصورهم ومنازلهم وسعة نعمتهم «فَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ» أي: نعم أجر المطيعين «وَتَرَى الْمَلَائِكَةَ» قيل: ومن أمور الآخرة وعجائبها أنك ترى الملائكة «حَافِّينَ» قيل: طائفين، عن ابن الأنباري. وقيل: محدقين، عن قتادة، والسدي. «مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ» دخلت (مِن) للتأكيد، والعرش: سقف الجنة «يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ» يعني: ينزهونه ويحمدونه على سبيل الالتذاذ لا على سبيل التعبد؛ لأنه لا تكليف عليهم في الآخرة «وَقُضِيَ بَينَهُمْ بِالْحَقِّ» قيل: بين أهل الجنة وأهل النار، وكرر تأكيدًا أنه لم يعاقب إلا بحق، وقيل: المراد به في الجنة والنار، أي: يعطي كل أحد ما يستحقه بعد دخولهم الدارين، وقيل: بل هو قبل الدخول «وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ» قيل: إنه من كلام الله تعالى حين قضى بالحق تمدحًا، وقيل: كلام أهل