التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {حم 1 تنزيل الكتاب من الله العزيز العليم 2 غافر الذنب وقابل التوب شديد العقاب ذي الطول لا إله إلا هو إليه المصير 3 ما يجادل في آيات الله إلا الذين كفروا فلا يغررك تقلبهم في البلاد 4 كذبت قبلهم قوم نوح والأحزاب من بعدهم وهمت كل أمة برسولهم ليأخذوه وجادلوا بالباطل ليدحضوا به الحق فأخذتهم فكيف كان عقاب 5 وكذلك حقت كلمت ربك على الذين كفروا أنهم أصحاب النار 6}

صفحة 6106 - الجزء 8

  قيل: ليأخذوه أخذًا، فمنعه عن قتالهم، وقيل: ليأخذوه: ليقتلوه، عن قتادة. «وَجَادَلُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ» ليدفعوا ويزيلوا، وقيل: ليبطلوا ما جاء به الرسول «فَأَخَذْتُهُمْ» أي: عاقبتهم «فَكَيْفَ كَانَ عِقَابِ» أي: فانظر يا محمد كيف كان عقابي لهم، والأخذ عبارة عن العقاب. والأَخِيذُ: الأسير، ولذلك قيل في معناه: يعاقبون في الآخرة كما عوقبوا في الدنيا بالاستئصال، وقيل: معنى «حَقَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ» على مشركي العرب، كما حقت على مَنْ قبلهم، ومعنى «حَقَّتْ»: وجبت «كَلِمَتُ رَبِّكَ»، وعيده [«على الَّذِينَ كفروا» وهو]، قول الله عليهم بالوعيد «أَنَّهُمْ أَصْحَابُ النَّارِ» أي: دائمون فيها، لازمون لعذابها.

  · الأحكام: يدل قوله: {تَنْزِيلُ} على حدث القرآن لاستحالة الإنزال في القديم، وكذلك ينزل.

  ويدل قوله: {وَقَابِلِ التَّوْبِ}؛ لأنه لم يفصل، وفيه ترغيب في التوبة.

  ويدل قوله: {ذِي الطَّوْلِ} على أنه المنعم على جميع عباده.

  ويدل قوله: {وَجَادَلُوا} على قبح المجادلة في المذاهب الباطلة، فيدل على وجوب النظر ومعرفة الحق.

  ويدل قوله: {فَلَا يَغْرُرْكَ} أن العاقل إنما ينبغي ألا يغتر بتمكين الظالم مع ما فيه من الهموم، وآخره أنه في النار.