قوله تعالى: {الذين يحملون العرش ومن حوله يسبحون بحمد ربهم ويؤمنون به ويستغفرون للذين آمنوا ربنا وسعت كل شيء رحمة وعلما فاغفر للذين تابوا واتبعوا سبيلك وقهم عذاب الجحيم 7 ربنا وأدخلهم جنات عدن التي وعدتهم ومن صلح من آبائهم وأزواجهم وذرياتهم إنك أنت العزيز الحكيم 8 وقهم السيئات ومن تق السيئات يومئذ فقد رحمته وذلك هو الفوز العظيم 9 إن الذين كفروا ينادون لمقت الله أكبر من مقتكم أنفسكم إذ تدعون إلى الإيمان فتكفرون 10}
  · المعنى: لما تقدم أحوال الكافرين عقبه بذكر المؤمنين واستغفار الملائكة لهم، فقال سبحانه: «الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ» يعني: الملائكة، قيل: هم صنفان: صنف هم حملة العرش، وصنف يطوفون به. وقيل: كثف الله أجسامهم حتى حملوا العرش، وقيل: بل أعطاهم من القوة ما يحملونه، وهم على هيئة الملائكة. وقيل: أراد بِحَمَلَةِ العرش الَّذِينَ يعبدون الله حوله، كما يقال: حملة القرآن لمن يعبد الله به، لا أنه حمله على الحقيقة، والأول أوجه؛ لأنه الحقيقة، ويجوز أن يكونوا متعبدين بحمله وبالتسبيح، وقيل: حملة العرش أول من خلق الله تعالى من الملائكة، عن مقاتل. «يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ» قيل: ينزهونه عما لا يليق به ويحمدونه على ذلك، وقيل: يحمدونه على أفعاله التي كلها إنعام، ويسبحونه بإضاقة النعم إليه. وقيل: يسبجونه ويعدونه نعمة منه؛ لما يؤدي إلى الثواب، فيحمدونه على ذلك. وقيل: ينزهونه عن صفات المخلوقين، ويحمدونه على أن أفعاله كلها حكمة، فالمعنى أنهم يوحدونه ويعدلونه «وَيُؤْمِنُونَ بِهِ» أي: يصدقون بصفاته «وَيسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا» أي: يشفعون لهم بطلب المغفرة لهم من الله «رَبَّنَا» أي: ويقولون: ربنا «وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا» يعني: وسعت رحمتك وعلمك كل شيء، والمراد بالعلم: المعلوم، أي: لم يختص معلومًا به بل هو عالم بكل معلوم، ورحمته لم تختص حيًّا؛ بل شملت أنواع الحيوانات «فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا» أي: رجعوا إليك نادمين من كل ذنب «وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ» أي: دينك، وقيل: طريق مرضاتك «وَقِهِمْ» أي: امنعهم واحفظهم من «عَذَابَ الْجَحِيمِ» أي: النار الشديد التوقد «رَبَّنَا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ» أي: إقامة لا تفنى «الَّتِي وَعَدْتَهُمْ» على ألسن أنبيائك «وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ» أي: اجعل معهم الصالحين من آبائهم «وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ» أولادهم؛ لأن بجميع هَؤُلَاءِ يكمل السرور «إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ» القادر على ما تشاء، وقيل: المستغني عن كل شيْءٍ «الْحَكِيمُ» لا يفعل إلا الحكمة «وَقِهِمُ السَّيِّئَاتِ» قيل: اصرف عنهم جزاء السيئات،